مسح تاريخي وجغرافي للبدو العرب في موسوعة أوبنهايم

2014-08-08 13:40
مسح تاريخي وجغرافي للبدو العرب في موسوعة أوبنهايم
شبوة برس - متابعات

 

منذ ما يزيد عن قرن وحتّى يومنا هذا، لا تزال نفس القبائل العربية تمسك بالحكم في معظم الدول الخليجية، كما أن التطورات التي أفرزها الربيع العربي دفعت بقبائل أخرى إلى واجهة الأحداث في كل من سوريا والعراق وحتى في شبه جزيرة سيناء.

ويُعدّ المستشرق الألماني البارون ماكس فون أوبنهايم (1860-1946) من أهم الأبواب للولوج إلى عالم القبائل العربية. فبالإضافة إلى اكتشاف كنوز "تل حلف" على الحدود السورية التركية، التي يقام معرض لها في مدينة بون ويستمر حتى العاشر من شهر/ آب، يتجلى الإسهام الأكبر له بموسوعته المسماة "البدو".

 

DWعربية ألتقت مترجم الموسوعة إلى العربية، محمود كبيبو، فكانت هذه الإطلالة على الموسوعة:

DWعربية: ما أهمية أوبنهايم ونتاجه العلمي؟

محمود كبيبو: كان أوبنهايم سياسياً وباحثاً ورحالة ومستطلعاً، فقد كان يوصف بأنه "لورنس العرب الألماني". ويعتبر اكتشافه لموقع "تل حلف الأثري" من أهم الاكتشافات الأثرية على الإطلاق. وهو من الأعمدة المؤسسة للاستشراق الألماني. وقد بلغ نتاجه العلمي والبحثي 39 مؤلفاً.

ما هي أهم مؤلفاته؟

يعد كتابه "من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج الفارسي عبر حوران والصحراء السورية وآسيا الصغرى" الصادر عام 1900، والذي قمت بترجمته، من أبرز أعماله.

وهو وصف لرحلة بدأها في بيروت، ومنها إلى دمشق، ثم إلى حوران والجزيرة السورية والعراق، نزولاً إلى البصرة حتى عُمان، مروراً بتدمر.

 

وكان في كل مكان يصف الجغرافيا والناس والحياة السياسية والآثار (وخاصة في منطقة حوران السورية)، ويتحدث عن العادات والتقاليد وغير ذلك. وفي الكتاب كذلك فصل عن "الدروز" الذي يُعدّ من أفضل المراجع.

 

أما عمله الموسوعي الأهم فهو موسوعة "البدو"، الذي صدرت أجزاؤها بين الأعوام 1939 و1966. وقد صدر الجزآن الأولان في حياة أوبنهايم ، والأخرى بعد مماته بمساهمة من معاونيه آرش برونيلش وفرنر كاسكل. وتتكون الموسوعة من حوالي 2500 صفحة، تقع في أربع أجزاء والجزء الخامس للأنساب والانتشار الجغرافي للقبائل.

 

وقد صدرت الطبعة الأولى لترجمة الموسوعة عام 2004. وقد شاركني بترجمة الجزء الأول منها ميشيل كيلو.

 

ورد في مقدمة الموسوعة المترجمة: "لقد قام أوبنهايم بعمل لا يضاهيه به أحد قبله ولا بعده." برأيك، هل أتى أوبنهايم بإضافة معرفية لم تستطعها الأوائل والأواخر؟

المترجم محمود كبيبو في حديث لDWعربية حول ترجمته لموسوعة أوبنهايم حول البدو العرب من الألمانية إلى العربية...

 

تعد الموسوعة بمثابة مسح جغرافي ورحلة في التاريخ لاقتفاء تاريخ وأنساب البدو.

كما أنها تغطي الجوانب الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية الانثربولوجية.

ويشمل النطاق الجغرافي للموسوعة القبائل العربية، الرحل ونصف الرحل آنذاك، في آسيا بدءا من جنوب تركيا شمالا مرورا بالعراق وبلاد الشام بالإضافة لشبه جزيرة سيناء، وكذلك السعودية والكويت وقطر والإمارات والبحرين وعشائر عربستان (خوزستان في إيران)، أي كل القبائل العربية في آسيا ماعدا تلك الموجودة في اليمن وعُمان. كما تطرقت للقبائل الغير العربية المتواجدة في النطاق الجغرافي لدراسته كالتركمان والقوقازيين والأكراد والإيزيديين، وغيرهم.

 

تقدم بمنتهى التفصيل والدقة معلومات عن كل قبيلة من القبائل في حلها وترحالها وأماكن تحركها، وعاداتها وتقاليدها وأساطيرها وحكايتها، وعن عادات الزواج والغزو والثأر وحق الحماية (الإجارة)، ومعتقداتها الدينية. وتدقق في أنساب كل قبيلة وخاصة نسب شيوخها وعدد خيامها ومحاربيها، وما إلى ذلك.

 

ماذا عن المنهجية العلمية وأسلوب البحث؟ وما مدى رصانتها العلمية وموضوعيتها؟

يقول أوبنهايم في وصف موسوعته: "إنها حصيلة أربعين عاماً من العمل والملاحظات والتسجيلات التي قمتُ بها في عين المكان". أي أنه عمل ميداني بكل معنى الكلمة، ويتمتع بالروح العلمية الدقيقة وبالموضوعية، فهو لا يسعى لتمجيد القبائل. وخلافاً للموقف المتعالي لغالبية الأوروبين في المستعمرات آنذاك، أنجز عمله بروح المحبة والاحترام وبمنتهى الاهتمام. وهذا ما جعله يكون صداقات مع العديد من الشخصيات البارزة آنذاك في العالم الإسلامي وكذلك مع شيوخ البدو.

 

ماذا عن االلغة المستخدمة، والفئة المستهدفة؟

اللغة سردية سهلة وغير معقدة. وهي موجة للباحثين الأكاديميين ولعامة الشعب على حد سواء.

 

ما الدور الذي لعبه محقق الموسوعة ماجد شبّر؟

ماجد شبّر هو صاحب "شركة دار الوراق للنشر المحدودة" في لندن، التي كلفتني بالترجمة وتولت هي عملية النشر. وهو لم يلعب أي دور في الترجمة، بل نشرها كما وصلته مني. بيد أنه قام بالإشراف والمتابعة، والتدقيق والمراجعة، ووضع الحواشي، وتصويب الأخطاء، وكتابة مقدمة للموسوعة المترجمة.

 

كيف كان صدى ترجمة العمل للعربية في الأوساط الألمانية والعربية؟

لقيت الترجمة صدى طيباً في ألمانيا، فقد تمت الإشادة بها في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب عام 2004. وأيضا من قبل معهد غوته ومؤسسة أوبنهايم. أما في العالم العربي، فقد نفذت الطبعة الأولى منها بالكامل. وتم طباعة طبعة ثانية سنة 2007. الأمر الذي يعتبر نجاحا كبيرا في العالم العربي.

 

ما تقييمك للاستشراق الألماني ولماذا نلاحظ قلة نتاجه وحضوره مقارنة بنظيريه الانجلوساكسوني والفرانكفوني؟

أوافق السيد ماجد شبّر في كل ما ذهب إليه في هذا الخصوص؛ فالدراسات الاستشراقية الألمانية من أهم وأثرى الدراسات الاستشراقية الغربية، ولكنها مع الأسف أقلها انتشاراً. فهي كانت الأقل خضوعاً لغايات استعمارية أو دينية تبشيرية، ولم تتصف بروح عدائية ضد العرب والإسلام، كما تتميز بمنهج علمي دقيق. ولكن مع الأسف ضعف انتشار اللغة الألمانية في العالم العربي وقلة الجهود الألمانية للمساعدة في الترجمة إلى العربية، وضعف الدور السياسي الألماني في العالم العربي، كل ذلك أدى إلى قلة انتشارها.

 

حدثنا عن مشروع الترجمة للموسوعة والصعوبات التي واجهتك؟ وكم استغرقت من وقت؟

توليت ترجمة الموسوعة بعد فشل محاولتين سابقتين. لم تعترضني صعوبات تذكر، فكما أسلفت، كانت اللغة سردية حديثة وسهلة، ونادرة المصطلحات العلمية المعقدة. واستغرقت الترجمة ما يقارب العام.

 

هل تعتقد أن ما نلته من أجر مكافاة مجزية على ما بذلته من وقت وجهد؟

(يبتسم) العمل الثقافي في العالم العربي غير مجز مادياً، وهذا ينسحب على المؤلف والناشر وصولاً إلى المترجم.

 

* دوتش فيليه