الغش تجارة خاسرة !

2014-06-18 15:16

      

بعد عام دراسي كامل هاهم أبناؤنا وبناتنا الطلاب يحصدون ما زرعوه خلال العام كل حسب اجتهاده و حسب ما تعامل به مع الكتب الدراسية ،وحسب ما رزق به من معلم إن كان معلما جيدا متميزا أو معلما لا يحمل من الكلمة إلا اسمها.

 

قبل أيام انتهت اختبارات المرحلة الأساسية من الأول حتى الثامن أساسي ، و الآن بدأت اختبارات التاسع أساسي، ومما يؤسف له المشاهد المقززة لظاهرة الغش التي يلجأ إليها بعض الطلاب والأشد قسوة على النفس أن من يسهل الغش هو المعلم والبعض من المعلمين جعلوا من الغش باب تجارة و مساومة مع الطالب !!

 

والطلاب في الغش مذاهب فمنهم من يلجأ للغش من باب اللامبالاة بالدراسة يظل طوال العام يلهو ويلعب وهو مطمئن أنه آخر العام سيحصل على شهادة النجاح بالغش إما لأنه برع في الحيل الموصلة للغش أو لوجود معلم متواطئ معه يسهل له الأمر ، وهناك من الطلاب من يلجأ للغش بسبب صعوبة المادة وضعف المعلم و جهل الوالدين فيلجأ للغش كنوع من الاضطرار،

 

وغيرها من الأسباب التي تجعل الطالب يلجأ للغش. وعلى كل حال وأي كانت الأسباب فالنتيجة واحدة جيل يعتمد على الخداع يربى على الفساد من صغره وتغرس فيه صفات التحايل في المدرسة لينشأ فردا يظن الكذب والمغالطة باب من أبواب الذكاء والفهلوة.

 

وهنا يظهر التقصير الواضح لمن يديرون العملية التعليمية برمتها بدءا من المدرس  فالمدرسة  فالأسرة فالوزارة نفسها .

 

فلو وجد كتاب مشوق مدعم بالأفكار والمعلومات المفيدة ورافقته الأنشطة المساعدة ولو وجد المعلم الكفء والقادر على إدارة الصف و إيصال المعلومة والتعامل الجيد مع الطالب والرقي بسلوكياته وأخلاقه ووجد أخيرا الحزم و الإشراف الجيد على عملية الاختبار لما وصل الحال لما هو عليه من انتشار ظاهرة الغش حتى صارت هي الواقع والأصل في حين أن اعتماد الطالب على ما يحفظ وما فهم هي الاستثناء!!!

 

 وحقيقة الأمر أن الواقف على العملية التعليمية في الدولة بأكملها يجد فيها مآسي ومتاعب يتعرض لها الطالب بكل المراحل الدراسية ، وأساس المتاعب الكتاب المدرسي الخالي من المعلومة فماذا يجدي أن تجد كتابا يحتوي الفهرس والعناوين والأسئلة فقط في بلد لا يعتمد حتى كبار المتعلمين فيه على البحث فما بالك بالمعلم الذي لا يربطه بالعملية التعليمية إلا درس داخل الصف يؤديه كيفما كان وراتب نهاية الشهر!!  ووالدين في المنزل قد لا يكونا متعلمين أصلا أو تعليم لا يصل بهما لأن يكونا باحثين في شؤون الكتاب المدرسي الفارغ ، كم أشعر بالرأفة على ذلك الطالب الذي يمسك الكتاب ليقلبه فلا يجد بين دفتيه إلا فراغا وكم يشعر الشخص بالإحباط حين يحاول أن يقدم شيئا أو مساعدة على المذاكرة للطالب فلا يجد هو ما يستعين به من معلومات ..

 

هل الكتب الدراسية تصمم أصلا بحسب البلد والطالب ومستوى المعلم العلمي وبحسب المستوى الثقافي العام للآباء أم أن المسألة فقط تخضع للتقليد أو لتأليف كتب عن غير بينه؟؟

 

إن من أوجب واجبات وزارة التربية والتعليم أن تعيد النظر فيما تحتويه الكتب الدراسية من معلومات هل تضيف شيئا للطالب أم تمارس عليه دور الألغاز و الفوازير؟؟

 

سابقا كان الكتاب يحتوي معلومات حتى ولي الأمر حين يذاكر لأبنائه يشعر هو شخصيا بالفائدة وأنه حصل على معلومات أما اليوم فيبدو أن هناك توجه يصر على تجهيل الطالب و يربكه أو يعطيه معلومات هزيلة من معلم هو الآخر بحاجة للتدريب على فك تلك الرموز !!

 

الأمر الآخر الذي يعانيه الطالب هو المعلم أو المعلمة الذين يتعاملون معه حيث يفتقد كثير منهم للقدرة والكفاءة في النهوض بالطلاب علميا وسلوكيا وهذا واقع لمسه الكثير من الآباء فطلاب المراحل الأساسية الأولى يجب أن تكون لهم معاملة خاصة حتى يتعلقوا أولا بالمدرسة لا أن يعاملوا بقسوة أو يوصموا بالفشل والرسوب ولكن للأسف من الصف الأول الابتدائي يعامل الطفل بشكل يجعله يخاف المعلم ويكره المدرسة خاصة أننا شاهدنا كثيرا من المعلمين والمعلمات للصفوف الأولى غير مؤهلين أصلا للتعامل مع الصغار وغير مدركين أن هذه المراحل هي التي يتم فيها غرس ما نشاء إما سلبا أو إيجابا فالرفق الرفق بأبنائنا الصغار يرحمكم الله وأحسنوا الغرس فيهم واتقوا الله فيمن تحت أيديكم من بناة المستقبل.

 

أما المراحل الأساسية الوسطى حتى الثانوية التي تتزامن مع بداية مرحلة المراهقة للطالب والطالبة فتحدث الكثير من الاصدامات بين المعلمين والطلاب فالمعلم يصر أن يعامل الشاب أو الفتاة الصغيرة كما يعامل الطفل فينصت بلا اعتراض أو يريد أن يتعاملوا مع المعلم كالراشدين وهذا أمر لا يتفق مع طبيعة الطالب في هذه المرحلة العمرية فلو تلقى المعلم والمعلمة تدريبا في أساسيات التعامل مع كل مرحلة عمرية ربما لم تظهر تلك المشاكل السلوكية والتربوية والتعليمية التي يعاني منها الطالب والأسرة والمدرسة وقد تنعكس أضرارها على المجتمع لاحقا .

 

نتمنى أن يقف المسئولين في التربية على كوارث  التعليم في البلاد وأن يقوموا بالواجب عليهم تجاه ما أوكل إليهم من أمانة تربية وتعليم الجيل الذي يعول عليه بناء مستقبل البلد وإلا فعلى الدنيا السلام   .