في الفترة ما قبل 22مايو 1990م كان عدد السيارات في كافة محافظات الجنوب محدودا وليس بالكثرة التي عليها الآن ومنها العاصمة عدن وكان أيضا عمل شرطة المرور منضبطا أيضا وكان هذا الانضباط هو الصفة المميزة لنا في الجنوب ولم نكن نرى مخالفا إلا فيما ندر (وغالبا ما يكون ممن أسرف في تعاطي صيره)، لكنه كان يجد في شرطة المرور من يضبطه حتى لا يتسبب في كوارث بحق نفسه وحق من حوله وفي نفس الوقت كان قليلا من يتجرأ على قيادة السيارات وهو لا يحمل ترخيصا وقد كان الحصول على رخصة القيادة ليس بالأمر السهل كما هو في الوقت الراهن وقد كان طالب الرخصة يخضع لامتحانات غير يسيره وهذا هو المفترض أن يكون وفي نفس الوقت كان هم شرطي المرور أداء عمله على أكمل وجه وتطبيق النظام كما هو والمحافظة على السلامة العامة وقلما سمعنا عن حالات رشوة يحصل عليها شرطي مرور بعكس ما كنا نسمع عن ذلك في الجمهورية العربية اليمنية .
وبعد وحدة نفق القلوعة في 22مايو 90م ومع تزايد حركة السير وكثرة السيارات القادمة من محافظات الشمال وسيارات المغتربين ومع تراخي الانضباط لدى المسئولين وجد ضعاف النفوس من المنتسبين لشرطة المرور ضالتهم في ابتزاز الناس وخاصة المغتربين
وأما سيارات حضرموت فكانت هي الغنيمة الكبرى والهدف المنشود أمام عديمي الضمير.
وقد حصل معي شخصيا عدة مرات ، اضطررت لدفع ما يطلبه شرطي المرور بدون وجه حق .
وقد سمعت عن قصص مشابهة كثيرة تعرض لها آخرون ومنها مجموعة كانوا قادمين من جده في سيارة هايلوكس وعند وصولهم إلى جولة ريقل بعد منتصف الليل وإذا باثنين من شرطة المرور يوقفانهم وكان الشارع خاليا تماما طلبوا منهم كل الأوراق والجوازات وأوراق الجمارك رغم أنهم قادمين عبر منفذ حرض الحدودي ولم يجدوا عذرا فقالوا لهم أن الحمولة زائدة فقال السائق بالله عليك مشينا من جده إلى هنا حوالي 2000كيلو متر ولم يعترض أحدا بأن حمولتنا زائدة إلا انتم ،الأوراق والوثائق بأيدي الساهرين من شرطة المرور ليس لأداء واجبهم بل لابتزاز من يقع ضحيتهم، والطريق طويل والتهديد بحجز السيارة حتى الصباح وبدأ الدوام الرسمي
وإذا كانت هذه نوعيات أفراد المرور فكيف بسلوك قادتهم؟ إذن لا مجال إلا الانصياع لابتزازهم،
والقصص في هذا كثيرة ولن استغرق أكثر في سردها.
ما دعاني لكتابة المقال هو الحال والوضع في عدن فوضى في القيادة مخالفات وفي وضح النهار وقوف مزدوج وقوف في منتصف الطريق بدون مبالاة بالآخرين .
حوادث مأساويه نتيجة السرعة الجنونية والتهور وعدم الالتزام بالنظم المرورية وعلى مرأى من رجال شرطة المرور وبالذات أمام عدن مول وعلى بعد خطوات تجد أفرادا من شرطة المرور منذ الصباح الباكر إلى أن تمتلئ جيوبهم بحصاد السحت يتابعون من يرون فيه غنيمة سهلة و يتصيدون من يغلب ظنهم أنه غريبا تحت أي مبرر وبأي عذر مثلا "الزجاج مخدوش ، أو التاير أملس" وعندها يتجمع عليك أكثر عدد من شرطة المرور في منظر أشبه بتشكيل عصابة في شكل غير حضاري لمدينة عرفت النظام والحضارة منذ عقود طويلة وللإنصاف أن كثيرا من شرطة المرور ليسوا من جنود الاحتلال اليمني بل هم من أبناء بعض المحافظات الجنوبية.وهل هؤلاء هم من يؤمل عليهم إقامة شرطة مرور فعالة في الجنوب ؟!
وهل أمثال هؤلاء سيساهمون في بناء الجنوب الجديد ؟!
وهل هذه أصلا أخلاق الجنوبيين التي نتغنى بها ليل نهار ؟!