عفواً بريطانيا العظمى انتي لست المقصودة من احتفالاتنا بعيد الاستقلال هذا العام.
احتفالات شعب الجنوب بالثلاثين من نوفمبر هو عيد استقلال الجنوب العربي هكذا جاء نص الاعلان يوم الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 م ولسنا هنا بصدد الخوض في تفاصيل ذلك اليوم التاريخي وخلفياته . والاحتفال بهذه المناسبة في هذا العام 2012م يصادف الذكرى 45 سنه بالتمام والكمال منذ رحيل اخر جندي للمستعمر الاجنبي من الجنوب.
ان الاحتفالات في الاعوام السابقة بهذه المناسبة كانت تحمل دلالات النصر والتحرر والاستقلال من الاستعمار البريطاني .
غير ان الاحتفالات التي جرت بهذه المناسبة بعد عام 1990م كانت قد أخذت معنى آخر فالأوضاع قد تغيرة كثيراً ، وأصبح الجنوب المتحرر من الاستعمار ، قد دخل في مرحلة استعمار جديد، انتزعت فيها تلك الفرحة من وجوه وقلوب الناس.
اذ اصبحوا يعيشون وضع استعمار اخر أسوء من الاستعمار القديم كما يعبر عنه العديد من افراد الشعب . ومن ثم لا معنى للاحتفال بذكرى رحيل الاستعمار البريطاني ، على هذا النحو جرت كل الاحتفالات خلال العشرين السنة الماضية فهي مجرد ذكرى واحتفالات رسمية وشكلية للنظام فقط .
أما في هذا العام فقد جاءت بمعنى اخر فهي احتفالات شعبية انتفض فيها ابناء الجنوب محتفلين ومستحضرين الفرحة نحو الاستقلال الثاني ، حيث اردوا من ذلك التوجه نحو مرحلة جديدة يقرها الشعب ليحدد مصيره بنفسه .
ان المتابع لطبيعة تلك الاحتفالات فقد سارت في مسارين مختلفين احتفالات رسمية للنظام او تلك التي نظمتها بعض الاحزاب اليمنية السلطوية كما هي في صنعاء وبعض المدن الذين حاولوا الاحتفال نيابة عن الجنوب الذي كان محتل من قبل بريطانيا والتذكير بهذه المناسبة هذا من جهة ومن جهة اخرى ارادوا باحتفالاتهم تلك بطريقتكم التقليدية التي درج عليها نظام صنعاء منذ حربه على الجنوب 1994م هي احتفالات بالنصرعلى الجنوب وابراز عضلاتهم بوحدة القوة على شعب الجنوب والتمسك بها كما عبرت عنه تلك الكلمات والاحاديث والخطب الدينية التي زامنت هذه المناسبة .
اما الاحتفالات في الجنوب هذا العام فقد جاءت على نحو مغاير فهي اكثر تعبيراً عن اردة الشعب في الجنوب حول احداث اللحظة التي يعيشها شعب الجنوب اليوم ، وليست ذكرى للاستقلال الاول ، فقد اردوا بهذا الحشد المليوني في عدن الذي يقام لاول مرة بهذه الحشود الطواعية للشعب والذي يحمل دلالات سياسية تستدعيها الحالة الراهنة في العمل السياسي يوصلوا من خلاله رسائل الى الداخل والإقليم والعالم اجمع وتتمثل في الاتي :
أولاً: الرد على التشكيك الذي يصدره اعلام صنعاء وغيره والذي يظلل الراي العام المحلي والخارجي بأن الجنوبيين منقسمين في خياراته ولا يوجد اجماع حول قضيتهم .
ثانياً : توجيه رسالة واضحة للمجتمع الدولي الذي لم يتفاعل مع قضيه شعب الجنوب بالمستوى المطلوب ، بل أردوا كسر حاجز التعتيم الاعلامي على قضيتهم .
ثالثا : الرد على دعوات ما يسمى بالحوار الوطني الذي اقحم فيه قضيه شعب الجنوب وتحت ما يسمى بسقف الوحدة وحددوا موقف شعبي من هذا الحوار ، والتخفيف من الضغط الدولي الذي يمارس على الحراك الجنوبي بدخول الحوار . رابعا : انها رسالة لنظام صنعاء بوصفه نظاما محتل للجنوب ، وان الابتهاج بهذه المناسبة هو ابتهاجا بالمستقبل والمقصود منه الاستقلال القادم .
وهذا ما عبرت عنه كل الكلمات والهتافات والاشعار والاناشيد والاغاني الوطنية التي القيت بهذه المناسب في جميع محافظات الجنوب ، والتي لا تخلو من ذكر احتلال صنعاء للجنوب والمطالبه بالتحرير والاستقلال بل ورفض الوضع القائم وتلك الاجنده التي ترسم وتحدد مصير الجنوب سواء من قبل الاقليم او العالم او النخب والقوى السياسيه في اليمن او الجنوب بصفة عامة.