لم نكن نتوقع أن يعمد مجلس الأمن في قراره الذي صدره قبل أيام قلائل إلى تجاهل كامل لشعب الجنوب وقضيته العادلة التي شهدت لها الكثير من الأطراف المحلية والأقليمية والدولية بالمصداقية والسلمية التي تخطت معظم دول الربيع العربي .
لعل تجاهل مجلس الأمن الدولي مطالب شعب الجنوب تعد خرقاً واضحاً لجميع المواثيق الدولية التي طالما تغنى بها مجلس الأمن وأعدها أساساً للحريات ولبنة أولية للحفاظ على حقوق الإنسان في أرجاء المعمورة .
لم يلتزم مجلس الأمن الدولي ومشروع قراره المجحف بحق أبناء الجنوب الذين لم يليهم أي أهتمام أخلاقي أو قانوني لم يلتزم بتلكم الأتفاقيات والمعاهدات الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإٌنسان وميثاق الأمم المتحدة الذي يعد نبراساً لكل أعضاء مجلس الأمن الدولي ، حيث ألزم هذا الميثاق جميع أعضاء الأمم المتحدة بأحقية وحرية تقرير المصير لكل شعوب العالم ، وحق التظاهر السلمي والتعبير عن الأرآء لكل إنسان أو جماعة في هذا الكون .
هذه الحقوق التي كانت السبب في تأسيس مجلس الأمن وقبله منظمة الأمم المتحدة هي التي تتعرض للقتل والتهميش من قبل أطراف دولية كبرى لا تريد الخير لشعوبنا ،بل تريدنا أن نعيش دائماً في أتوان الحروب والصراعات الدموية التي لا تخلف سوى الخراب والدمار لكل الأطراف المشتركة فيها .
إن أساليب التحريف التي تتبعها الكثير من القوى في هذا العالم لن تكون ذا فائدة في ما يخص الوضع الجنوبي ،لأن شعباً قدم أكثر من ألفي شهيد وآلاف الجرحى والمعتقلين لن يهيبه ضغط دولي أو ممارسة إقليمية خاطئة لإحباطه وحرفه عن هدفه الذي يسعى لتحقيقه ، بل ستكون هذه التهديدات والمؤامرات اللامسؤولة سلاحاً مزدوجاً ضد من يخلقها ويبعثها في قرارات دولية ظالمة بحق شعب ظُلم سلفاً من قبل الشقيق قبل أن يُظلم الآن من قبل الصديق.
من الخطأ الفادح أن تعلق أطراف محلية محتلة وأقليمية مساندة للاحتلال أمآلها على مجلس الأمن الدولي لإخماد وإسكات الشارع الجنوبي الذي يعيش حالة تصعيد مستمر تلتهب يوماً بعد يوم ؛ لأن الناظر إلى الشارع الجنوبي والمتابع له يدرك تماماً بأن هذا الشعب لن يستكين أبداً ولم يرضخ سابقاً لكتل النار التي تلقيها عليه قوى الاحتلال ولا للقصف والقتل والتنكيل ، حتى يرضخ الآن بعد أن صار على وشك تأسيس الدولة الجنوبية الحديثة لتوصيات دولية لم تستند إلى الواقع الجنوبي الحقيقي ، بل استندت في أحكامها وقراراتها إلى معلومات مغلوطة كاذبة كانت تتزود بها من قبل محطات الكذب اليمنية ولجان لسيت بالنزيهة أو الصادقة ،بل هي مسيسة لخدمة أطراف إقليمية من خلال تزوير الحقائق في الجنوب ونقل معلومات غير صحيحة لمجلس الأمن لكي يبني عليها قراراته خدمتاً لهذه الدول المتاجرة بالشعوب في أكثر من مكان .
لا يجوز لمجلس الأمن الدولي قانونياً وفق لميثاق الأمم المتحدة أن يتجاوز شعب الجنوب ويفرض عليه وصايا تمنعه من الحصول على حق تقرير المصير،لأن ذلك يعد خرقاً أساسياً لمبادئ حقوق الإنسان وحريته في الأختيار والعيش .
ومن هنا لن أطالب مجلس بأي أمراً ، بل طلبي أوجه إلى شعب الجنوب ،أطلب منهم أن يستمروا في ثورتهم وألا يبالوا بهذه القرارات التي تساوي بينهم وبين القتلة المجرمين الذين نكلوا بهم طيلة سنوات طوال .
كيف لهم أن يساووا بين الجنوبيين والمخلوع علي صالح الذي كان السباق في قتلهم وتشريدهم وتعذيبهم وسلب أموالهم ونهب خيراتهم وممتلكاتهم ؟ أي عدلاً هذا ينتهجه مجلس الأمن الدولي في قراراته ؟
وأخيراً كما يقول المثل العربي القافلة تسير والكلاب تنبح ؛ عجباً لمن يفرح بوضع بلده تحت الوصايا الدولية !