نصراني في دماج!!

2013-11-18 19:38

 

• ستمر وتتجول كثيراً في أزقة دماج.. ولن تلمح غير مجموعة من اللِّحى لشباب ورجال يتباهون بها، وكتل سوداء من القاع إلى النخاع تتحرك في معزل عن الرجال- أظنهن نساء-  والله أعلم!! ولن تغيب عن عينيك مشاهدة بعض أنوف "فُطس" لرجال أحبوا الله وجاءوا من إندونيسيا والفلبين وماليزيا لتلقي العلم في دماج.

• أما من "بني الأصفر" فلم نلمح غير عينين زرقاوين وبشرة شقراء واحدة لطالب فرنسي، تنمو فوق مساحة خديه "المحمرين" لحية عشوائية شقراء، كان يرتدي قميصاً أبيض قصيراً ويتمشى أمامنا لابساً حذاءً من البلاستيك ورابطًا رأسه بـ"شال" أبيض بطريقة تفضح أنه لا يزال جديد العهد على غطاء الرأس، وعلى أحد كتفيه حقيبة من خرق القماش المزركش مثل حقائب طلبة تحفيظ القرآن زمان، وهو ذو قامة طويلة، لكن عينيه أطول، فهو ينظر إلينا مبتسماً، كان يبادلنا الابتسامة على كل حال، ويحمل في يده مجلداً ضخماً.. تساءلت لحظتها: هذا الأجنبي بعد 7 سنوت من العلم هنا في "دماج" هل سيعود إلى بلاده مبشراً بنواقص الوضوء مثلاً؟ .

 

أو هل سيعود ليشغل أمته- أو على الأقل أهل حارته وعائلته- بمواعظ متشنجة وتجيز له  شتم ولعن القساوسة الذين لا يستخدمون المسواك! أو لعله سيعود إلى بلاده بعد أعوام ليمنع أطفاله وزوجته وأقاربه جميعاً من مشاهدة التلفاز، ويحرِّم عليهم الغناء والديش والتصوير، ولبس البنطال أيضاً! وما بالكم لو رأى واحدة من أقاربه تسبح بمايوه وسنتيان؟ لا بد أنه سيغرق أهالي أهلها في البحر، هذا أقل شيء سيفعله.

 

• هل سيعيش مع أهله- بعد شهادة الإجازة من مركز الحديث والسنة- مشغولاً بصوت المرأة، وشعرها ولحية الرجل وركبته؟! أو هل سيعود إلى هناك ويدعو- مجدداً- لإحراق روما وإغراق أثينا وكل الديمقراطيات القديمة والجديدة؛ لأن الديمقراطية- في أدبيات أهل السلف-  كفر، والانتخابات طاغوتية!!

 

• هل سيضع- صاحبنا النصراني- عقله تحت مخدته وينام مرتاح الضمير، لأنه ترك كل شيء جانباً وركز على أشياء تبدو مهمة وجوهرية في فكر أهل السلف مثل المسح على الخفين، والقميص القصير، واللحية، وعدم الخروج عن طاعة ولي الأمر و.. و.. و .. إلخ.

 

• كثيرة هي الأسئلة التي قفزت إلى أذهاننا ونحن نزور "دماج"، وظللنا طيلة طريق العودة- إلى حيث جئنا- نرددها ونبكي ونضحك لا حزناً، ولا فرحا.