كل من تربّى وعاصر نظام سلطة الجمهورية العربية اليمنية، وعاش في كنف تركيبتها القبلية، يعلم أن عقليته وثقافته عن مفهوم الدولة تقوم على الانتماء للقبيلة واعتزازه وتفاخره بها. وهذا يعني أن المسؤول في سلطة الحكم، مهما كانت درجة منصبه القيادي سواء كان مدنيًا أو عسكريًا، لا يمثل الشعب ولا يعمل من أجل خدمة أبناء الوطن بقدر ما يسعى للاستئثار بما يستطيع من المصالح الخاصة، والاستيلاء على حصته من الثروات والموارد.
هذه المصالح لا تعتمد فقط على مهارة المسؤول القبلي في انتزاع ما يستحقه، بل الأهم هو الوجاهة والنفوذ وهيبة القبيلة التي ينتمي إليها وموقعه في هرم السلطة. لذلك، فإن مفهوم الدولة المدنية التي تقوم على أسس السلطات الثلاث (السياسية والتشريعية والقضائية)، وعلى قيم العدالة والمساواة الاجتماعية والحرية والتوزيع العادل للسلطة والثروة، لا تعترف به سلطة القبيلة ولا يمكن لها القبول بتطبيقه والعمل وفق ضوابطه الإجرائية.
منذ قيام الجمهورية العربية اليمنية ونظام سلطة الجمهورية اليمنية، وما شهدته من تطورات سياسية واجتماعية ومحاولات لإضعاف دور القبيلة وتقليص نفوذ مشائخها، زادت للأسف سطوتهم وعربدتهم وتعنتهم. وهذا السلوك لم يقتصر على نظام علي عبد الله صالح وأنصاره، بل امتد إلى رئيس الغفلة المدعو رشاد محمد العليمي وجماعته، الذين توشك سياساتهم على الانتهاء والسقوط في مزبلة التاريخ قريبًا، بمشيئة الله تعالى.