شبوة برس – خاص
حين ارتفع النداء في أبريل 2016 لتحرير المكلا من قبضة تنظيم القاعدة، لم يظهر في المشهد أي أثر لصلاح باتيس، ولا لحزب الإصلاح اليمني، ولا لأولئك الذين يتفاخرون اليوم بلهجة الوعيد والتهديد ضد الجنوب العربي. يوم كانت المكلا تختنق بعام كامل من سيطرة الإرهاب، لم يكن باتيس في الصفوف الأمامية، ولا ضمن خطوط الدعم الخلفية، ولا حتى في الهامش الذي يترك أثرًا. غاب مثل كثيرين ممن لم يتجاوز حضورهم حدود التصريحات والكلام.
وغابت معه كل الجماعات التي رفعت شعارات التمثيل الحضرمي، سواء المتلحفة برداء اليمن أو المتمترسة بعباءة الجنوب أو المختبئة وراء أوهام الكيانات الانعزالية. لم يتقدم أي منهم ليشارك الحضارم معركتهم المصيرية. وحدهم أبناء حضرموت الأصيلون حملوا السلاح في ساعة الحقيقة، بقيادة اللواء فرج البحسني واللواء أحمد بن بريك، وبإسناد النخبة الحضرمية التي تلقت دعمًا وتدريبًا مباشرًا من دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحبة الدور الفاصل في بناء قوة أعادت الساحل إلى حضنه الطبيعي.
قدّمت الإمارات ما لم يقدمه أحد، بينما بقي باتيس ومن يدور في فلكه بعيدين عن الميدان، ثم عادوا اليوم إلى الواجهة من وراء المايكروفونات، وكأنهم شاركوا لحظة التحرير أو قدّموا فيها قدرًا يسيرًا من الجهد أو التضحية.
وتبقى المفارقة الأوضح أن باتيس، الذي يقدّم نفسه اليوم مدافعًا عن حضرموت، ينتمي إلى أسرة ارتبط بعض أفرادها بتنظيمات إرهابية، وقد قُتل شقيقه وابنه في صفوف تلك الجماعات. ورغم هذا الإرث، لا يتردد في الظهور كناصح أمني ومرشد مجتمعي، متناسياً أن سجله العائلي وحده كفيل بنزع أي شرعية أخلاقية أو سياسية عنه.
السؤال الجوهري الذي يطرحه الشارع الحضرمي اليوم: أين كان صلاح باتيس ساعة كانت المكلا تنادي أبناءها؟ لماذا لم ينل شرف الوقوف في لحظة التحرير الحقيقية؟ وكيف لمن غاب يوم الفعل أن يتصدر مشهد البطولات الوهمية؟
التاريخ محفوظ، ولا يكتبه من يصرخ بعد انتهاء المعركة، بل من حضر وصنع الفارق.