قدوم ولكن أقول غير سعيد وملك وإن طال المدى سيبيد (بيرم التونسي)
> في هذه الألفية المرصعة بالمآسي؛ والتي نحن في الربع منها تماما، رأينا كثيرًا من نماذج حاكمة هنا وهناك في العالم و التي تحترم إرادة شعوبها، حين لا يكون بمقدورها صنع شيء لهذه الشعوب؛ فتعتذر عن الحكم وتقدم استقالاتها مرفوعة الجبين.
نعم القادة التي تحترم شعوبها، ولا دخل للعرب، واليمن في الخاصرة منه ولله الحمد، من ذلك الفعل الإيجابي من شيء؛ لا من قريب أو من بعيد، ونقولها بأسف عميق ولله الحمد مرة أخرى.
لقد كادت حادثة تسجيل مفتوح نسي القائمون من فريق جوردن براون إغلاقه؛ ونقل هذا التسجيل الملعون صوت براون رئيس الوزراء البريطاني وهو يتذمر من إحدى مواطناته؛ عجوز كثيرة الأسئلة واللجاج، أثناء ما كان في لقاء جماهيري، أن تتسبب في اسقالته وقدم لها اعتذارًا أمام الملأ.
ولدينا هنا؛ في وطننا، ما ينطبق عليه قول البردوني رحمه الله شعرًا؛ في عيد الجلوس مقرعا الإمام أحمد بقوله:
عيد الجلوس اعر بلادك مسمعا
تسألك أين هناءها؟ هل يوجد
تمضي وتأتي والبلاد وأهلها
في ناظريك كما عهدت وتعهد
يا عيد حدث شعبك الظامي
متى يروى؟ وهل يروى؟ وأين المورد
يا عيد هذا الشعب ذل نبوغه
وطوى نوابغه السكون الأسود
ضاعت رجال الفكر فيه كأنها
حلم يبعثره الدجى ويبدد
للشعب يوم تستثير جراحه
فيه ويقذف بالرقود المرقد
ولا أظن حال الناس في عهد الإمام أسوأ مما نحن فيه اليوم في عصر صاحب الفخامة، على الأقل من زاوية: المساواة في الظلم عدالة.
فالشعب القابض على جمرة الأوضاع وكأنها جمرة من نار جهنم، أشقى من سيزيف حامل الحجر. ولم يحدث في تاريخنا أن يسرق الحكام رواتب الشعب من مدنيين وعسكريين وأمنيين ويصرفون ملايين الدولارات رواتب غير منقطعة وإعاشات على المقربين والبطانات السيئة والموظفين الذين ليسوا لهم من وظيفة سوى طيب الإقامة في الخارج واستلام الراتب والإعاشة بالدولار نهاية كل شهر، بل إن هذه الإعاشات تسلم - حتى - للخليلات وزوجات مسؤولي الظل والأولاد المرفهين وحتى البغاء والمتحولين جنسيا.
والشعب بأكمله لا يجد راتبه الشرعي المنصوص عليه في القانون والشرع والعرف والأخلاق.
تمضي وتأتي نعم، والوضع على ما هو عليه منذ انتهاء الحرب الظالمة، فهل تريد ـ يا صاحب الفخامة - إن تحرر صنعاء بالمرور على جثث شعبك الذي يموت جوعًا وأنت من عليائك فوق قمة (معاشق) من قصرك ترى عدن وهي مظلمة ليلًا ونهارًا بينما أضواء قصرك ترشد السفن في أعالي خليج عدن وبحر العرب.
لنفرض جدلًا أنك مجبر على أداء هذا الدور تحت أي مسمى، البند السابع أو ضغط التحالف الذي ذهبت أعطياته إلى جيوب من سميتهم أعلاه ولم يستفد منها المواطنون، هل تستطيع قوة أن تجبر مواطنًا حرًّا وشخصية محترمة مثلك على تقديم استقالتها من هذا العبث الذي تمارسونه أنتم لا سواكم على أبناء قومكم؟
لا تستطيع قوة - أي قوة ـ أن تحول بين الإنسان السوي ومثله وقيمه وأخلاقه بأن ينتصر لشعبه وأمته وإن مات يموت شريفا.
و ما ينطبق على صاحب الفخامة ينطبق على أصحاب الفخامة السبعة، وما أبعد المسافات بين السلاطين التسعة في ماليزيا وهم صناع نهضتها بدون شك، وبين المفسدين في بلادنا مدمري كل جميل فيها.
و لا تحية.. في الأخير..