هل يحتاج الجنوب العربي حقًّا إلى انتخابات لتقرير المصير؟ وهل يمكن أن تنجح في ظلِّ الواقع الديموغرافي والسياسي الجنوبي المبعثر؟ ألا يدرك قادتنا أن في الجنوب ما يقارب خمسة ملايين نسمة من اليمنيين (الدحباشي) وأكثر؟
كيف يمكن ضبط الأمور داخل الجنوب تحضيرًا لهذا الأمر، بينما العدو والمحتل شريكٌ يُشرعَنُ له، ويُمنح أعلى المناصب والحقائب السيادية، وهو يتحرّك ضدك ويقرر داخليًّا وخارجيًّا؟
إذا لم تبدأ القيادة الجنوبية في انتزاع لغة القرار والإدارة داخل أراضي الجنوب عمليًّا، فكيف لها أن تصل إلى تقرير مصير شعبٍ مُلْعُوبٍ في ديموغرافيته وهوّيته، واستيطانًا وسكانًا؟
الأزمات والضربات الموجعة تتوالى على شعب الجنوب في الداخل، بينما ننتظر ونستجدي قرارًا من الخارج. الشعب يجوع منذ أشهر بلا معاشات ولا رواتب.
فليكن موقفُكم مسؤولًا، ورجوليًّا، ووطنيًّا، وقانونيًّا، تتدخّلون فيه لتوجيه بصفْرِ لقمة عيش الناس كأولوية، مهما كانت المبررات والسياسات الملتوية. متى سيحدث هذا؟ وإذا حصل، فسيأتي بقطّارة، شهرًا وشهرين لا أكثر.
لا بدَّ من تدخل عاجل من القيادة، ومن واجبها التصدي للعبث بالمال العام وبالعملة الصعبة، التي تذهب إلى الخارج، وإلى رواصب في مرافق عمل خارج حدود الجنوب، وإلى محافظات يمنية لا تورد عائداتها، وإلى نازحين وغير نازحين يستوطنون المدن بعشرات الآلاف.
الجنوب يحتاج إلى قيادة لديها خريطة سياسية تُوزَّع على امتداد محافظاته، ويُبحث في كل محافظة: ما عمل سلطتها؟ ما مواردها؟ من يديرها؟ ما اقتصادها؟ ما واقع سكانها عددًا ومعيشةً واقتصادًا؟ لمن الغلبة فيها سياسيًّا وأمنيًّا وعسكريًّا؟ وأين الانتشار؟
هنا تُهيئ الأرض الخصبة لجنوب قادم، بانتخابات أو بتقرير مصير، أو بمواجهة نديّة لاستعادة الدولة سياسيًّا. المهم: من أنت على الأرض الجنوبية؟ وما هو قرارك؟!
لا بدَّ من استعادة لغة القرار على الأرض قبل استعادة الدولة.
د. صلاح سالم أحمد