فشل رشاد العليمي في الحصول على تأييد القمة العربية الإسلامية لتأكيد الوحدة اليمنية، في ظل المطالبات الجنوبية بالانفصال.
*- خاص لـ موقع "شبوة برس":
مقدمة:
في تطور دبلوماسي بارز، فشل رشاد العليمي، رئيس ما يُعرف بمجلس القيادة الرئاسي التابع للشرعية اليمنية، في كسب تأييد منظمة القمة العربية الإسلامية خلال اجتماعها في الدوحة اليوم، لإدراج فقرة صريحة وقوية في البيان الختامي تؤكد على "ضرورة ووجوب الحفاظ على الوحدة اليمنية". يعكس هذا الفشل التعقيدات العميقة للملف اليمني والانقسامات الإقليمية والدولية تجاهه.
تفاصيل الحدث:
عُقدت القمة العربية الإسلامية في العاصمة القطرية الدوحة في 15 سبتمبر 2025، بمشاركة قادة من العالمين العربي والإسلامي. سعى الوفد التابع لرشاد العليمي، والمُعترف به دولياً كحكومة شرعية لليمن، إلى تضمين البيان الختامي نصاً يُعيد التأكيد على مبدأ وحدة الأراضي اليمنية، وهو المبدأ الذي كانت الدول العربية والدولية تدعمه تاريخياً كحل للصراع في اليمن.
ومع ذلك، واجه هذا الطلب مقاومة وتم إسقاطه من الصيغة النهائية للبيان. تشير التقارير إلى أن عدداً من الدول تبنّت موقفاً أكثر حيادية أو حتى متعاطفاً مع المطالب الجنوبية، أو على الأقل رفضت التصريح بما يمكن أن يُعتبر موقفاً عدائياً تجاه حركة الجنوب.
يمكن تفسير فشل مسعى العليمي بعدة عوامل:
تغير الأولويات الإقليمية: قد يكون التركيز الأساسي للقمة منصباً على قضايا أخرى طغت على الملف اليمني، أو أن بعض الدول لم ترغب في الدخول في جدال حول القضية الجنوبية التي تعتبرها شأناً يمنياً داخلياً.
تأثير الواقع على الأرض: استطاعت القوات الجنوبية، بدعم من التحالف العربي، دفع الحوثيين (الذين يُوصفون في التقرير الأصلي بـ"الغزو اليمني الحوثي") خارج معظم محافظات الجنوب. هذا الواقع الجيوسياسي الجديد جعل المطالبة بالانفصال قوة لا يمكن تجاهلها دبلوماسياً.
ضغوط من القوى الفاعلة:
من المحتمل أن تكون هناك ضغوط أو مواقف من دول إقليمية معينة تفضل إبقاء الخيارات مفتوحة فيما يتعلق بالمستقبل السياسي لليمن، بما في ذلك احتمال قيام دولة جنوبية، كوسيلة لتحقيق استقرار دائم أو كورقة ضغط.
شرعية المطالب الجنوبية:
يسلط التقرير الوارد الضوء على أن المطلب الجنوبي ليس وليد اللحظة، بل له جذور تاريخية تعود إلى ما بعد حرب 1994، مما يمنحه وزناً وأهمية في المحافل الدولية.
وجهة نظر الجنوبيين (كما وردت في الطلب):
يقدم التقرير الوارد وجهة نظر واضحة لقضية الجنوب، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
رفض شعب الجنوب العربي للوحدة التي دخلها طوعاً في مايو 1990 باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
اعتبار حرب 1994 "عدواناً" من صنعاء على عدن.
اعتبار التدخل الحوثي في 2015 "غزواً يمنياً" تم دحره من أرض الجنوب العربي.
أن الوحدة الحالية هي "احتلال يمني" وأن الحق الطبيعي للجنوب هو الاستقلال وإقامة دولته الخاصة، ولم يتبق سوى الاعتراف الدولي بهذا الحق.
ردود الفعل المتوقعة:
من جانب الحكومة المعترف بها (العليمي): من المتوقع أن يُصدر بياناً يأسف لعدم إدراج الفقرة، ووصف القرار بأنه يخدم أجندات تقسيمية ويهدد استقرار اليمن والمنطقة.
من جانب المجلس الانتقالي الجنوبي والقوى الانفصالية: سيعتبرون هذا الفشل انتصاراً دبلوماسياً كبيراً وخطوة نحو شرعنة قضيتهم على الساحة الدولية واعتراف ضمني بشرعية مطالبهم.
دولياً:
يُظهر الموقف أن الدعم الدولي لمبدأ "الوحدة اليمنية" لم يعد مطلقاً أو بديهياً، وأن المجتمع الدولي بدأ يقبل بمناقشة سيناريوهات مستقبلية أخرى، بما فيها الفيدرالية أو حتى الانفصال، كحلول ممكنة للأزمة.
أخيرا:
يمثل فشل رشاد العليمي في الحصول على تأييد القمة العربية الإسلامية لتأكيد الوحدة اليمنية مؤشراً بالغ الأهمية على تحولات عميقة في الموقف الإقليمي والدولي من القضية اليمنية. لم يعد مبدأ "الوحدة" هو الخيار الوحيد غير القابل للنقاش، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة أكثر تعقيداً من المفاوضات والمناورات السياسية، حيث ستكون مطالب شعب الجنوب العربي، كما يُعرِّف نفسه، طرفاً أساسياً لا يمكن تجاوزه في أي حل سياسي مستقبلي لليمن.