سياسة أمريكا آخر 20 سنة يُلاحَظ منها الآتي:
1- فقدان الحلفاء والأصدقاء بشكل مجاني، أشهرهم حاليا (الهند) التي عمليا صارت تنتقل للمحور الشرقي مع روسيا والصين بفعل سياسات ترامب العدائية معها.
الديموقراطيون أمثال بايدن وأوباما هم من بدأوا القصة بفقدان روسيا لترتمي في أحضان الصين.
2- فقدان ثقة العرب أشهرهم مصر التي بمنع تصدير السلاح المتطور وضعف الاستثمار ودعم إسرائيل في حربها عل #غزة اتجهت مصر شرقا للبريكس وشنغهاي، وصارت تنتقل تدريجيا للمحور الصيني القادم بقوة..
3- كثرة الحروب بشكل مبالغ فيه، وإشعال حرائق عسكرية في العالم دون مبرر ولأسباب خاصة، فقط لأن حكام أمريكا وأمراء الحرب وتجار السلاح فيها يريدون الاستفادة ماليا مما يجري.
4- دعم المتطرفين دينيا والإنفاق عليهم والاستفادة منهم، فكما تستفيد من الصهيونية المتطرفة تستفيد أيضا من داعش والقاعدة والإخوان المسلمين، وتدعم نشاطاتهم من أجل تفكيك جبهات الخصوم.
النقاط الأربعة ساهمت بشكل سريع في سقوط امبراطورية أمريكا (كقطب أوحد) لم يستمر سوى 20 عاما فقط، بينما الإمبراطوريات السابقة في التاريخ ظلت قرونا متصلة، وهو ما يطرخ السؤال: لماذا سقطت أمريكا بهذه السرعة؟
الجواب: أن المجتمع الأمريكي هو أكثر مجتمعات العالم تناقضا، فهو في وقت يؤيد الحريات الليبرالية، هو أيضا مؤيد شديد للتطرف الديني، وداعم كبير لمجرمي الإبادة والمجازر على أساس عقائدي، وشريحة كبيرة تقارب 40% من الشعب هناك يدعم معتقدات متطرفة دينيا مثل (الألفية المسيحية) وهو المعتقد الذي أدى لدعم إسرائيل عقائديا والتبرع لها وتبرير مجازرها والحرص على توسيع حدودها الجغرافية.
كل هذا دفع شعوب العالم للبحث عن بديل أخلاقي وعقلاني مقبول يحقق العدالة والسلام المفقود..
مؤتمر شنغهاي المنعقد هذه الأيام هو بجانب البريكس يمثل (حجر أساس) لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، ستكون فيه السيادة الكبرى للصين مستقبلا، وكأن التِنين الصيني يخرج من قبوه التاريخي ليحكم العالم ببطء، مستفيدا من أخطاء وكوارث حكام أمريكا..
الرئيس الصيني "شي جين بينغ" أشار خلال المؤتمر لمفهوم (عودة التركيز للإنسان) يعني دعم مفهوم العدالة وحقوق الإنسان بشكل حقيقي دون تسييس أو تجارة أو ازدواجية، فمن الملاحظ أن أكثر من يرفعون شعار حقوق الإنسان الآن هم من يدعمون إسرائيل في الإبادة الجماعية بفلسطين، ويشجعون المتطرفين الصهاينة على استمرار محرقة فلسطين التاريخية التي قاربت أن تكون على قدم المساواة بمحرقة الهولوكوست.
السنوات المقبلة ستظهر ملامح هذا النظام الجديد أكثر
وعصبية وتسرع حكام الغرب لمعالجة ضعفهم أو محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه سوف يرتد بطريقة عكسية، فالثقة مفقودة تماما بين أمريكا وحلفاؤها وبين أكثرية المجتمع الدولي، ومؤتمرات مثل البريكس وشنغهاي وغيرها مما ترعاه الصين وروسيا تحمل مبادئ إنسانية أكثر عدالة وأكثر رغبة في تحقيق السلام بشكل حقيقي..
وقد علمنا التاريخ أن العالم يتغير إذا ظهرت مبادئ إنسانية جديدة ونظم عالمية تؤمن بحق الإنسان، وتعيد تعريف العدالة والقوة بشكل جديد