الدكتور الداعري: هل سيُنهي الحوثي بشهادة دكتوراه؟

2025-07-29 16:48

 

في خضمّ المعارك الدائرة على أرض البلاد، وبينما تتصاعد وتيرة الأزمات وتتفاقم التحديات الأمنية، تصلنا أخبارٌ تبعث على السخرية المريرة، وتثير تساؤلاتٍ عميقة حول أولويات القيادات العسكرية. فقد قرأتُ اليوم ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي عن نيل وزير الدفاع اليمني، الفريق محسن الداعري، شهادة الدكتوراه من الأكاديمية العسكرية العليا والاستراتيجية في جمهورية مصر العربية الشقيقة. عن الأطروحة، التي تحمل عنواناً رصيناً "الاستراتيجية المقترحة لمواجهة تداعيات الحروب الصامتة على الأمن القومي العربي" حيث تبدو في ظاهرها إنجازاً أكاديمياً رفيعاً.

 

لكن، دعونا نتوقف قليلاً عند هذا المشهد. وزير دفاع، يُفترض أن يكون في قلب المعركة، يقود الجيوش، ويخطط للانتصارات، ويواجه عدواً لا يرحم، يُكرس وقته وجهده للدراسة ونيل الشهادات الأكاديمية. أليس من المفترض أن تكون ساحة المعركة هي الجامعة الحقيقية لوزير الدفاع؟ أليست الانتصارات الميدانية هي الشهادات الأكاديمية الأرفع التي يجب أن يسعى إليها؟ هل يُعقل أن يترك وزير الدفاع التزاماته العسكرية والقيادية في الميدان، ليواصل تعليمه الجامعي والأكاديمي، بينما بلاده تخوض حرباً ضروساً؟

 

هل كان النصر على مليشيات الحوثي ينقصه فقط شهادة أكاديمية ليتحقق؟ هل أعطى وزير الدفاع الأولوية للدراسة ونيل هذه الشهادة، ظناً منه أن هزيمة الحوثي ستأتي بفضل هذا الإنجاز الأكاديمي؟ إذا كان الأمر كذلك، فليبشر اليمنيون بالنصر الوشيك، حيث أصبحت هزيمة الحوثي قريبة المنال بفضل نيل وزير الدفاع لشهادة الدكتوراه من الأكاديمية العسكرية المصرية. فربما كانت كل المعارك السابقة للقوات الشرعية تنقصها هذه الشهادة فقط لتحقق النصر، ولتتحول المعارك إلى مجرد تفاصيل ثانوية أمام هذا الإنجاز الأكاديمي الجلل.

 

إن هذا المشهد، بكل ما فيه من سخرية لاذعة، يكشف عن خللٍ عميقٍ في الأولويات، وعن انفصالٍ صارخٍ بين المسؤوليات الميدانية والتطلعات الأكاديمية. ففي الوقت الذي يُفترض أن يكون فيه وزير الدفاع قائداً ميدانياً، يشارك جنوده في خنادق القتال، ويخطط لعمليات تحرير الأرض، نجده منشغلاً بقاعات الدراسة، ومناقشة الأطروحات، وكأن المعركة الحقيقية تُدار في أروقة الجامعات، لا في ميادين القتال.

 

ربما يحمل هذا الإنجاز الأكاديمي لوزير الدفاع في طياته استراتيجية جديدة لمواجهة الحروب الصامتة، استراتيجية تعتمد على الأوراق والمداد، لا على الدماء والبنادق. ربما تكون هذه الشهادة هي السلاح السري الذي سيُنهي الحرب، وهي المفتاح الذي سيفتح أبواب النصر. ولكن، في ظل الواقع المرير الذي يعيشه اليمن، حيث تتواصل المعاناة وتتفاقم الأزمات، يبقى السؤال الأهم: متى سيتحول هذا الإنجاز الأكاديمي إلى انتصار ميداني حقيقي على الأرض؟ ومتى سنرى وزير الدفاع في ساحة المعركة، يقود جنوده نحو النصر، بدلاً من أن يقود أطروحته نحو الدكتوراه؟