"الجنوب بين التجويع والصمت: من ينقذ المواطن من الانهيار؟"

2025-07-28 05:42
"الجنوب بين التجويع والصمت: من ينقذ المواطن من الانهيار؟"
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس - وضاح قحطان الحريري

في الجنوب، لم يعد الجوع حالة عابرة، بل أصبح نظامًا يوميًا يلتهم حياة الناس بصمت. لا صوت يعلو فوق صوت الانهيار، ولا شيء يُرى أو يُسمع سوى طوابير الباحثين عن لقمة العيش. الأسعار تحلّق، الرواتب تتبخّر، والخدمات تُمحى، بينما المواطن الجنوبي يمضي يومه بين الصبر والتجاهل، وكأن قدره أن يُولد ليقاسي لا ليعيش.

 

من الضالع إلى عدن، ومن لحج إلى أبين، المشهد واحد: طوابير غاز، ساعات انتظار للكهرباء، غلاء فاحش في الأسواق، وانهيار مريع للعملة. ومع كل يوم جديد، يتراجع الأمل خطوة إلى الوراء، ويتقدم الغضب خطوة إلى الأمام. الجنوبي لم يعد يطالب بالرفاهية، بل بأبسط مقومات الحياة: ماء نظيف، رغيف غير مغمّس بالذل، وكرامة لا تُقايَض بوظيفة أو سلة غذائية.الجنوب اليوم لا يعاني من نقص في الموارد، بل من فائض في الفشل. لا يُعقَل أن أرضًا تطفو فوق الثروات، ويعيش فيها الناس كأنهم في خيمة لجوء. لا يُعقَل أن تمتلئ الموانئ بالبضائع، وتبقى موائد الفقراء فارغة. المواطن لا يريد خطابات، ولا بيانات، بل يريد من يسأله: "هل أكلت اليوم؟"، "هل نام أطفالك دون بكاء؟"

ما يجري ليس قضاءً وقدرًا، بل صناعة بشرية خالصة. هناك من قرر أن يُنهِك هذا الشعب، أن يُطفئ نور الجنوب وهو يتنفس، أن يُحوّل الكرامة إلى طلب يقدَّم في طابور طويل من التهميش. نحن لا نتحدث عن سوء إدارة فقط، بل عن تواطؤ صامت مع الانهيار، وكأن أحدًا يريد لهذا الجنوب أن ينكسر من الداخل دون طلقة واحدةوسط كل هذا الخراب، يبقى السؤال: من سيُنقذ الجنوب من الجوع؟ من سيقف أمام هذا الطوفان الاقتصادي؟ الناس لم تعد تنتظر المنقذ، بل تبحث عن ما تبقى من أدوات للنجاة. المظاهرات التي خرجت في الضالع وعدن هي أول الرسائل، وليست آخرها. إنها تحذير بأن الجنوب صابر، نعم، لكنه ليس خانعًا. وإذا استمر التجاهل، فإن من يشعل نار الجوع اليوم، سيحترق بها غدًا

إن لم تكن هناك حلول اقتصادية عاجلة، لا معنى لأي مشروع سياسي، ولا قيمة لأي شعارات. فالجائع لا يسمع غير صوت معدته، ولا يرى غير وجه أطفاله. الجنوب اليوم لا يطلب المستحيل، بل فقط أن يعيش بكرامة في وطنه.