*- شبوة برس - عادل اليافعي – تقرير خاص -- لندن
في واقعة أثارت صدمة في الشارع اليمني، كشفت مصادر محلية عن اختفاء مبلغ 100 مليون ريال يمني من خزينة رئاسة الوزراء في العاصمة المؤقتة عدن، دون أي توضيح رسمي من الجهات المختصة، رغم مرور أكثر من 171 يومًا على تفجر القضية.
*قضية شائكة وتحقيق "مرتبك" ومثير للريبة*
منذ أكثر من خمسة أشهر، ما تزال القضية تلفها الضبابية، وسط صمت مريب من قيادة الأمانة العامة لرئاسة الوزراء، التي سارعت – عقب تداول الخبر – إلى تشكيل لجنة تحقيق برئاسة القائم بأعمال رئيس الدائرة المالية والإدارية، قاسم هيثم الحجيلي، ومدير عام فرع رئاسة الوزراء بعدن.
إلا أن ما أثار الريبة، بحسب مصادر مطلعة، هو استبعاد الدائرة القانونية تمامًا من سير التحقيق، والاكتفاء بإحالة القضية إلى "شؤون الموظفين"، دون اتخاذ أي إجراء قانوني ضد المتهمين الرئيسيين، وهما:
*فتحي منجد السفياني – مدير حسابات وموازنة الدولة.*
*محمد قاسم الحجيلي – أمين صندوق مالية رئاسة الوزراء السابق، ونجل القائم بأعمال رئيس الدائرة المالية.*
وقد اعتُبر هذا التجاهل القانوني "محاولة واضحة للتنصل من المسؤولية"، وفق مصدر مسؤول مطلع.
*اتهامات متبادلة... وصمت رسمي يعمّق الشكوك*
وبحسب ما أفادت به مصادر من داخل الدائرة المالية، فقد وجّه محمد الحجيلي اتهامًا مباشرًا إلى فتحي منجد بسحب المبلغ المذكور كـ"عُهدة مالية" تحت غطاء توفير تغذية لطاقم رئاسة الوزراء خلال فترة تولي أحمد عوض بن مبارك رئاسة الحكومة.
غير أن الأخير، وفقًا لنفس المصادر، رفض التعاطي مع هذه المزاعم، ولم يصدر عنه أي بيان أو توضيح، مما فتح الباب أمام التكهنات بشأن وجود تعمد للتغطية على أطراف متورطة.
كما أكدت المصادر أن مبلغ الـ100 مليون ريال قد تم بالفعل سحبه من حساب مكتب رئيس الوزراء، لكنه لم يُعد إلى أمين الصندوق كما هو متعارف عليه، بل تم استخدام جزء كبير منه، بحسب مزاعم، في ترميم منزل فتحي منجد الشخصي بمنطقة "إنما" بعدن. وقد نفى منجد تلك الاتهامات، مؤكدًا أن المراسلات المتداولة عبر تطبيق "واتساب" مزوّرة.
*إجراءات شكلية دون محاسبة...* *وموظفون يطالبون بالعدالة*
المثير في القضية أن الإجراءات الإدارية اقتصرت على إزاحة محمد الحجيلي من منصبه، دون أن تطال أي إجراء تأديبي أو قانوني مدير الحسابات، أو حتى تشكيل لجنة قانونية محايدة، وهو ما أثار استياء الموظفين داخل أروقة الحكومة.
ويطرح هذا السلوك العديد من التساؤلات حول *مدى الجدية في مكافحة الفساد داخل أعلى هرم حكومي في الدولة،* خصوصًا مع تزايد قضايا العبث بالمال العام دون مساءلة.
*استغلال المتعاقدين...* *وتوريط الأبرياء في مسرح فساد مستمر*
وتشير المعلومات المتداولة إلى أن فتحي منجد اتّبع نمطًا ممنهجًا في توريط موظفين متعاقدين بمناصب حساسة مثل "أمناء الصندوق"، بهدف التهرب من المسؤولية واستغلالهم لمصالح شخصية.
فقد سبق أن حاول – وفقًا لمصادر – استغلال موظفة سابقة ماليًا، وعندما رفضت تم فصلها. ثم قام بتعيين محمد الحجيلي، الذي انتهى به الأمر متهمًا بالعجز المالي، قبل أن تتم إقالته هو الآخر.
لاحقًا، قام منجد بتعيين المتعاقد عماد الجرادي كأمين صندوق جديد، إلا أن الأخير تم اعتقاله من قبل قوات الحزام الأمني بعد اتهامه بالضلوع في تحويل مبالغ مالية إلى مناطق خاضعة للحوثيين، وهي اتهامات ما زالت رهن التحقيق حتى اليوم.
خاتمة: هل تُطوى القضية بلا مساءلة؟
رغم حجم الفضيحة وخطورتها، ما تزال الجهات الرسمية تلتزم الصمت، بينما يطالب الشارع اليمني بفتح تحقيق شفاف ومستقل، وإحالة القضية إلى نيابة الأموال العامة، من أجل كشف الحقائق وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب داخل مؤسسات الدولة.
في بلد يرزح تحت أزمات اقتصادية وإنسانية خانقة، يبقى المال العام خطًا أحمر، وأي تساهل في هذه القضية سيُعتبر صفعة للعدالة وثقة المواطن في مؤسسات الحكم.