*- شبوة برس – أ. سعيد عولقي
(بيومي مراد) مناضل عدني جسور من آل خليفة الكرام، لم اعرف من هو اشرف واشجع واصدق واوفى منه لبلده واصدقائه، اشار اليه الاستاذ الباحث والمؤرخ المعروف بلال حسين غلام في كتاب له عن الذاكرة العدنية، مع صورة صغيرة له ايام صباه يوم كان رياضياً في طليعة الحركة الرياضية العدنية (كنا اقدم بلد يشهد ازدهاراً في لعبة كرة القدم).
بيومي مراد هو من آل خليفة كما اسلفت، واتخذ له اسم بيومي تيمناً بالراحل الكبير حسن علي بيومي، اول رئيس لوزراء عدن، وللترابط الاسري بين آل البيومي، وآل خليفة..
بيومي مراد، درس في المانيا واتقن لغتها، وحصل بعد عودته على رتبة عسكرية، ولما هو معروف عن شخصيته من جسارة واقدام.. كان دائماً يختار للمهمات الصعبة.. وفي مواسم اختطاف الرهائن من السواح الاجانب في اليمن بعد الوحدة، اختير ليرافق السواح الاجانب في تنقلاتهم في ربوع اليمن، يرافقهم ويحرسهم بسلاحه طبعاً..وبمعيته يرجعون سالمين الى فنادقهم.. (كنت اتمنى تضمين منشوري هذا بصورة له، فلو تكرم احد من آل خليفة الكرام او غيرهم ارسال صورته لاضمنها منشوري هذا اكون شاكراً له)
في اواخر، او بالاصح نهاية حرب1994م وهزيمتنا فيها قام بيومي مراد بكامل عدته العسكرية وسلاحه بمرافقة واصطحاب قيادات الجنوب الكبيرة الى منفاهم الاختياري في الخليج -- في سلطنة عمان، وغيرها -- قيل له: ابق معنا هنا، فأجاب : كلا.. سأرجع الى بلدي، الى عدن.. فالوطن هو الوطن، جنة.. او محنة.. وعاد الينا.
قبل كل الملاحم المحزنة التي مرت بنا، وفي منتصف الثمانينيات عقب احداث يناير كان المنتصرون يحتفظون بالكثير من المعتقلين في عدة سجون ومراكز اعتقال، وكان من بينها مركز"المشاريع اليمنية السوفييتية"في اطراف الشيخ عثمان.. ومن بين المعتقلين كان لنا صديق بريء من تلك الاحداث.. ومع العزيز حامد جامع كنا نتداول اسمه ونفكر في طريقة للافراج عنه، قال حامد : مافيش معانا غير بيومي مراد يسوي لنا بصر. !! وذهبنا اليه.. فاتحه حامد جامع بالموضوع.. واعطاه الاسم، وحاول ان يشرح لمراد اوصاف الصديق المعتقل.. وخلال ذلك قال بيومي: اصبر.. اصبر.. حرام عليك.. عرفته.. عرفته تمام.. خلاص ولا عليكم.. سيبوا ذا الموضوع عليً.
من يلجا الى بيومي مراد لا يرجع خائباً..قال مضيفاً : الموضوع يشتي له تمثيلية محكمة، وانا اعرف قليل في التمثيل.. خلاص خلاص.. انشاء الله بكرة الصبح با اروح له.. في المشاريع اليمنية السوفييتية قلتوا لي؟؟ ايوه... خلاص تمام.
في صباح اليوم التالي لبس بيومي كامل الدريس العسكري، اليونيفورم يعني، مع رتبة رائد. !! وتوجه الى مكان الاعتقال.. عند باب الحراسة قام العسكري هناك عندما رآه وادى له التحية العسكرية.. قال له بيومي: في واحد محبوس خطير موجود عندكم وانا مكلف بنقله الى حبس راس مربط.. فينه..؟؟ اسمه فلان ابن فلان أدمي، (عذراً لا اريد الافصاح عن الاسم) فينه؟؟ قال الحارس. : داخل.. با اجي اوري لك ياته.. ودخل الاثنان وواجه بيومي الشخص المطلوب، وبادره بالقول: انته فلان ابن فلان؟؟ اجاب السجين ايوه انا ياسيدي، انا.
لم يمهله البيومي كثيراً لأي كلام.. وبسرعة امسك به من شميزه وجره اليه بعنف.. وقال: انته يا خاين ياعميل. !! وربخ يده وقوح المحبوس كف حامي بسرعة مذهلة.. لطمه بقوة على خده.. وقال : امشي معي با اشلك.. عندي تعليمات من فوق بنقلك من هنا.. ونظر حوله واضاف بقوة في الجموع: نفسوا الطريق!! ونظر الى الحارس وشكره وهو يقول له: قلت لي اسمك من؟؟ فاجابه الحارس.. فقال له.. تمام.. مرة واحد تمام.. با اشوف القيادة منشان ترقيتك.. وسعوا.. شكره الحارس وادى له تحية عسكرية معتبره وهو يخرج مجرجراً بيده صاحبنا المحبوس الذي خرج معه الى الحرية. !!
لا ندري انا وحامد جامع كيف نعبر عن مدى شكرنا وامتناننا للبيومي.. خاصة لادائه البالغ الروعة.. وكذلك الخطورة.. لكنه البيومي مراد.. من كماه.. ومن يقدر عليه !!
عندما زار عدن وزير الداخلية العظيم يحيى المتوكل.. قابله البيومي.. واعجب المتوكل باداء البيومي.. وامر له بترقية استثنائية استحقها بجدارة.. كانت خسارتنا في الوزير المتوكل فاجعة حين دبرت له اجهزة الامن حادثاً مروعاً فجر سيارته واودى بحياته.. وظل البيومي مراد يلهج بعرفانه له الى اخر ايام عمره.. بيومي مراد.. نعم.. بيومي مراد.. من زيه في عدن كلها؟ من يشبهه؟؟ من كماه؟؟؟
بيومي مراد كان قلادة حب على صدر عدن... وعلم بارز من اعلامها العالية