سبق وان اطلقنا على حضرموت صفة (قاطرة الجنوب العربي) عند إشهار مؤتمر حضرموت الجامع قبيل إعلان قيام المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو ٢٠١٧م، آنذاك لم يتجرأ احد ان ينكر علينا هذا الموقف ولم يتجرأ احد ان يمنعنا من الحديث عن جزء عزيز ندفع حياتنا ثمنا للدفاع عنه، لأن الجميع، العدو قبل الصديق، يدرك ان الوطن كل لا يتجزأ وان الدفاع عنه واجب في كل الاعراف على مر التأريخ.
ما نراه اليوم يختلف كليا فيما يخص فعالية ٢٤ إبريل ٢٠٢٥م احتفاء بذكرى تجرير ساحل حضرموت اذا ما قورن بفعاليات سابقة، فالهدف كما نراه، ليس تهديدا للنسيج الوطني الحضرمي فقط ولكنه يتجاوز ذلك الى تصويب السهام نحو المرجعية السياسية الجنوبية الوحيدة التي تتمثل في المجلس الانتقالي الجنوبي وهذا خطر لا يستهدف حضرموت ولكنه يستهدف الجنوب كله، من المهرة شرقا حتى باب المندب غربا.
حضرموت تختزن إرثا معرفيا ضخما وثروات وموقع جغرافي يهم العالم واذا كانت حضرموت قد عانت من الحرمان وعدم الاستفادة من هذا الإرث الضخم فإن كل محافظات الجنوب قد عانت هي الاخرى ويكفي ان نستشهد بالعاصمة عدن التي كان مينائها ثالث ميناء عالمي وتحول الى ركام، او من تهجير الرأسمال الوطني الجنوبي، وجله حضرمي، الى خارج جغرافيا الجنوب، وغيرها من الشواهد في باقي محافظات الجنوب.
معاناة محافظات الجنوب العربي طوال الحقبة الماضية تتطلب مراجعة وتصحيح يحمل طابعا وطنيا شاملا وليس نزعات نزقة تهدد الاستقرار وتهدم المعبد على رؤوس الجميع ثم نبكي على اللبن المسكوب بعد خراب مالطة، كما يقولون.
الهم الوطني يخص الجميع، ولا يستطيع احد ان ينكر على الآخر انتماءه وحقه في تقرير مصير الوطن لكن ذلك يتم بالحوار وبمراعاة مصلحة الوطن اولا ثم مصالح الجوار العربي ومصالح العالم التي يفرضها موقع الجنوب العربي ومصالحه مع الآخرين.
ذهنية الاقصاء وثقافة الصراع، بدل من ثقافة تبادل المصالح، التي عصفت بالجنوب واوصلتنا الى ما نحن فيه وهي مدرسة كافية لنتعلم منها.
الا هل بلغنا، اللهم فاشهد.
عدن
٢٢ ابريل ٢٠٢٥م