مع اقتراب موعد الحوار المزمع اجراءه في صنعاء كاحدى مخرجات المبادرة الخليجية تزداد الجرائم المرتكبة في الجنوب ، ولم تكن جريمة قتل الشهيدة فيروز اخر هذه الجرائم ولكنها اكثرها بشاعة وقبح.
أي حوار يتحدثون عنه وابناء الجنوب يقتلون يومياً بدم بارد ،اي حوار وجرحاهم يختطفون من المشافي ويمنع عنهم العلاج ويحرمون من الرعاية الصحية ،اي حوار ومعتقلينا يتم ترحيلهم الى صنعاء ويزج بهم في غياهب السجن، واي جنوبي سيشارك في الحوار وسط حمام من الدم وتحت ضلال المدافع والدبابات.
إن الحوار الذي يجري الترتيب له غير واضح المعالم بالنسبة للجنوبيين، فمن غير المعقول أن يطلب من الجنوبيون الدخول في الحوار في ظل اختلال موازين القوى لصالح الشمال عدةً وعتادً، فبكل تاكيد سيكون حوارا غير متكافئ ولكم أن تتصوروا كيف ستكون نتيجة الحوار عندما يكون غير ندي فبطبيعة الحال اي حوار بين منتصر ومهزوم حوار بين قاتل ومقتول حوار بين سجان ومعتقل حوار بين جلاد وضحية بين مسلح وأعزل سيفضي الى انتصار الأول دون شك .
إن أغرب ما سمعته عن القضية الجنوبية هو ما قاله أحد أعضاء اللجنة الفنية للحوار لقناة (اليمن اليوم) (أن القضية الجنوبية تاتي في مقدمة القضايا المطروحة للحوار وان كل المشاريع ستكون على الطاولة بما فيها الوحدة الاندماجية لأن ما جرئ في 22مايو 90م هو ضم والحاق فدعونا نجرب الوحدة الاندماجية القائمة على الشراكة الحقيقية بين الشمال والجنوب ).
فاي وحدة يتحدثون عنها ؟وهل شعب الجنوب فئران تجارب؟ حتى يعيدوا الكرة مرة أخرى وينهون تجربتهم بحرب ثانية على الجنوب ،فكلا وألف كلا لن يقبل الجنوبيون الوحدة الأن دما جية .
إن السير في التحضير لما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني بالطريقة الحالية يؤكد بان العملية الاجرائية التي تم انجازها توحي بان مخرجات الحوار فيما يتعلق بالقضية الجنوبية قد حددت سلفاً وأن على الجنوبيون إذا ما شاركوا في الحوار الاقتناع بالوجبة التي تم طبخها لهم في صنعاء ، فزيارة جمال بن عمر لصالة مطار عدن بهدف اللقاء بقوى الحراك ما هي الإإسقاط لواجب كان يتحتم عليه القيام به ، وعدم تنفيذ أي بند من البنود العشرين التي أقرتها اللجنة الفنية للحوار حتى الآن رغم أنه تم رفعها للرئيس هادي قبل شهرين ،وكذا عملية الاستقطابات الواسعة التي تقوم بها القوى المتصارعة في صنعاء للهيئات والمكونات الجنوبية، وتشكيل كيانات جديدة بهدف الدفع بها للمشاركة باسم الجنوب ناهيك عن الحملة الاعلامية الظالمة ضد الحراك السلمي الجنوبي ،ومحاولة تصويره بأنه حراك مسلح ، واستخدام فزاعت إيران لكسب موقف دولي وأقليمي معادي للحراك،واختيار أشخاص جنوبيون في اللجنة الفنية ومحاولة تقديمهم بأنهم يمثلون الجنوب .
كل هذه المؤشرات توحي بأن الحوار سيجري سلقه على عجل مثله مثل الوحدة وبالتالي ستكون نتيجته الفشل الذي سيؤدي الى حرب ولكنها هذه المرة لن تكون بين الشمال والجنوب بل تتعداه الى مساحات أصغر يصعب معها الحفاظ على الشمال شمالاً ولا على الجنوب جنوباً.
إن على الراعي الدولي والإقليمي للمبادرة الخليجية أن يعلم بأن أمن واستقرار المنطقة مرهون بحل القضية الجنوبية بما يلبي آمال وتطلعات شعب الجنوب، وان القضية الجنوبية واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، وهي أن الجنوب كان دولة دخلت في اتحاد مع دولة أخرى وهذا الاتحاد فشل وأدى فشله الى حرب والحرب أدت الى تحويل الاتحاد الى احتلال وان مطالبة شعب الجنوب باستعادة دولته هي نتاج طبيعي لذلك الفشل.
إن ستة أعوام من الثورة الشعبية الجنوبية السلمية والآف الشهداء والجرحى وضعفهم من المعتقلي كافية بمعرفة ماذا يريد شعب الجنوب سواء شارك الجنوبيين في الحوار أم لم يشاركوا ،وإن أي تفكير أو فهلوه في التعامل مع القضية الجنوبية بنفس العقلية السابقة ،ومحاولة الضحك على الدقون بأن وحدة 22مايو كانت وحدة ضم والحاق وأن الوحدة الاندماجية القائمة على الشراكة الحقيقية هي الحل فان شعب الجنوب لا يمكن أن يقبل بها وان طرحكم هذا يعني بان الوحدة الأن دما جية هي الحل الأمثل للقضية الجنوبية هو تهديد مبطن لشعب الجنوب بالحرب.