هناك إشكالية حقيقية مرتبطة بضعف المعرفة التاريخية لدى بعض العاملين في الشأن العام الجنوبي أو السياسي، خاصة فيما يتعلق بتاريخ الجنوب العربي وهويته. من المهم أن نفهم التاريخ ونستوعبه بعيدًا عن الدعايات السياسية أو الأجندات التي تهدف إلى طمس الحقائق أو تشويهها.
اسم "الجنوب العربي" ليس مصطلحًا استعماريًا حديثًا أطلقته بريطانيا كما يروج بعض انصار يمننة الجنوب، بل هو اسم له جذور تاريخية واضحة.
عند تأسيس رابطة أبناء الجنوب العربي عام 1951 تحت هذا المسمى كان دليل قاطع على أن التسمية كانت حاضرة و،متداولة قبل إنشاء اتحاد إمارات الجنوب العربي في 1959.
الرابطة كانت تعمل على تعزيز الهوية العربية للجنوب في مواجهة الاستعمار البريطاني، مما يثبت أن الاسم يعكس هوية شعبية أصيلة.
الحديث عن الممالك العربية القديمة في جنوب جزيرة العرب، مثل حِمير، وقتبان، وحضرموت وأوسان يؤكد أن هذه المنطقة كانت دائمًا تاريخًا متميزًا وجزءًا من النسيج العربي في جزيرة العرب، هذه الممالك لم تكن مجرد كيانات سياسية، بل كانت مراكز حضارية ساهمت في بناء التاريخ العربي قبل ميلاد المسيح وفي التاريخ الإسلامي لاحقًا.
محاولات التشكيك في عروبة الجنوب العربي أو إسقاط هويات قومية مُصطنّعة جديدة عليه كاليمننة هي مساعٍ تخدم أجندات سياسية تهدف إلى الهيمنة على المنطقة وتعزيز النزعات العنصرية السلالية.هذه المحاولات غالبًا ما تكون مدعومة من أطراف خارجية تسعى لإضعاف الهوية العربية الجامعة للجنوب.
من المخجل حقًا أن يفتقر بعض السياسيين الجنوبيين أو الناشطين في الشأن العام إلى المعرفة الدقيقة بتاريخ الجنوب العربي وهويته. العمل السياسي يجب أن يستند إلى فهم عميق للتاريخ والهوية، وليس إلى شعارات أو مصالح مؤقتة.
فالتاريخ هو العمود الفقري للهوية، ومن الضروري لكل من يعمل في الشأن العام أو السياسي أن يكون ملمًا بجوانب التاريخ المختلفة، خاصة إذا كان يعمل في قضايا تتعلق بالهوية الوطنية.
الجنوب العربي كان وسيظل جزءًا أصيلًا من محيطه العربي، وأي محاولات لطمس هذه الهوية هي محاولات مصيرها الفشل أمام الحقائق التاريخية الراسخة.
د. حسين لقور بن عيدان