إلى المختلفين والمتخلفين عن المجلس الانتقالي: هل حان وقت المراجعة؟

2025-02-16 10:19
إلى المختلفين والمتخلفين عن المجلس الانتقالي: هل حان وقت المراجعة؟
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس - : المحامي جسار فاروق مكاوي 

يقول الله تعالى: "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (الأنفال: 46).

منذ سنوات، والجنوب يخوض صراعًا سياسيًا وجوديًا، يواجه فيه تحديات داخلية وخارجية في معركة استعادة دولته وحفظ كرامته. وبينما يعمل المجلس الانتقالي الجنوبي بكل طاقته في هذا الاتجاه، نجد بعض الفئات والكيانات تصرّ على أن تكون خارج سياق الإجماع الجنوبي، إما عنادًا أو سوء تقدير، أو نتيجة حسابات ضيقة لا ترقى إلى مستوى القضية الكبرى.

رفض بلا بدائل.. ومعارضة بلا رؤية

 

إن الاختلاف ظاهرة طبيعية في أي عمل سياسي، ولكن الفرق شاسع بين الاختلاف الذي يصبّ في مصلحة الجنوب، والاختلاف الذي يُفضي إلى التشرذم ويخدم أجندات لا علاقة لها بالهدف المنشود. فكيف يمكن تبرير الوقوف على الضفة الأخرى من المشروع الوطني الجنوبي دون تقديم بدائل منطقية أو رؤية واضحة تخدم المصلحة العامة؟

 

يرتكب البعض خطأً تاريخيًا حينما يتعاملون مع الواقع الجنوبي بمعزل عن موازين القوى ومعطيات اللحظة الراهنة. فالتشبث بمواقف تجاوزها الزمن، ورفض العمل تحت مظلة وطنية جامعة، يعني بوضوح إطالة أمد الأزمة وإضعاف الموقف الجنوبي في معادلة الصراع.

 

ولا أدلّ على ذلك من بعض المواقف التي شهدناها مؤخرًا، حيث فضّلت بعض الأطراف السياسية الارتهان إلى دوائر خارجية بدلًا من الانخراط في العمل الوطني الجنوبي المشترك، مما أضعف موقف الجنوب في محافل إقليمية ودولية. وبينما يواجه الجنوب تحديات كبرى، يظل هؤلاء في حالة من الجمود السياسي، وكأنهم ينتظرون معجزة تعيد ترتيب المشهد وفق مقاساتهم الخاصة.

 

خطوة إلى الأمام أم دوران في الفراغ؟

فإلى أين يمكن أن يقودنا هذا الاختلاف إن لم يحدث خطوة إلى الأمام أو تغييرا حقيقيا لصالح شعب الجنوب، أرضًا وإنسانًا؟ هل المطلوب هو البقاء في دوامة الصراعات الداخلية التي لم تجلب سوى المزيد من الضعف والتراجع؟ هل يمكن أن نستمر في إضاعة الفرص بينما الأجيال تبحث عن المستقبل وترتجي الموقف والقرار الذي يكون في جمعه مباركة للجميع؟

إن من ينظر بموضوعية إلى الواقع، يدرك أن الجنوب اليوم بحاجة إلى خطاب سياسي موحد، وموقف وطني صلب، لا إلى مزيد من الفرقة والتشكيك والتشظي. في كل مرحلة نضالية، كانت هناك أصوات مترددة، تخشى التغيير أو ترفضه لاعتبارات ذاتية، لكنها سرعان ما تكتشف أنها كانت تقف على الجانب الخطأ من التاريخ.

 

الوقت لا ينتظر أحدًا

المرحلة الحالية تتطلب من الجميع قراءة الواقع بعقلانية، والنظر إلى المصلحة العليا، بدلاً من الغرق في الحسابات الشخصية والمصالح الضيقة. الجنوب أمام منعطف مصيري، وكل جنوبي مطالب بأن يحدد موقعه بوضوح: إما أن يكون جزءًا من الحل، أو أن يبقى عالقًا في الماضي، محكومًا بمخاوفه وتردده.

لقد آن الأوان لأن يدرك المختلفون والمتخلفون أن القطار يسير، وأن الجنوب لن ينتظر من لا يزال مترددًا بين ماضيه الشخصي ومستقبل وطنه. الجنوب اليوم بحاجة إلى الجميع، إلى كل صوت وطني مخلص يؤمن بقضية شعبه. ولا يزال الباب مفتوحًا أمام كل من يريد أن يكون جزءًا من مشروع استعادة الدولة الجنوبية، لكن الزمن لن يتوقف انتظارًا لأولئك الذين لا يزالون متشبثين بأوهام الماضي أو رهائن لمصالح ضيقة.

 

نداء مفتوح.. الجنوب يتسع للجميع

إن الدعوة اليوم ليست لاتباع المجلس الانتقالي الجنوبي كخيار إجباري، بل للانخراط في العمل الوطني المسؤول تحت أي إطار يخدم قضية الجنوب، بعيدًا عن العناد والمزايدات. الجنوب ليس ملكًا لفصيل أو جهة، بل هو وطن الجميع، ومصيره لا يجب أن يكون رهينة تردد البعض أو حساباتهم الخاصة.

 

من يريد أن يكون جزءًا من المستقبل، فليضع يده في يد إخوانه، ولينظر إلى القضية بعين الوطن، لا بعين المصلحة الفردية. أما أولئك الذين يختارون البقاء في الخلف، فلن يوقفوا مسيرة الجنوب، ولكنهم فقط سيفقدون فرصة أن يكونوا جزءًا من تاريخه ومستقبله .