حالة اللادولة القائمة
سقطت الجمهورية اليمنية بعد انقلاب الحوثة، ومعها سقطت الوحدة بين اليمن والجنوب، دستورياً يوم انقلب عليها الإماميين في ٢٠١٤م، بالطبع هذا السقوط لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتاج تاريخ طويل من الصراعات السياسية، العسكرية والاجتماعية.
في عام 1994، عدّ الشعب الجنوبي أن الوحدة قد سقطت فعلياً، عندما غزا اليمنيون الجنوب عسكرياً ومنذ ذلك الحين، شهدت البلد حالة من الممارسات والفوضى اللادستورية قادت الى عدم الاستقرار، عانت أزمات سياسية واقتصادية وعسكرية مستمرة.
إن حالة اللادولة التي وصل إليها الوضع وتعيشها اليمن والجنوب لا يمكن إعادتها إلى ما كانت عليه من شبه الدولة التي كانت قائمة، وهذا أمر مفروغ منه، لان ما يتم عرضه من مشاريع حلول لا يُمكن أن يُعيد الاستقرار إلى هذه المنطقة.
ففي الجنوب، يُسيطر الجنوبيون على الأرض دون أن يصلوا بعد إلى تحقيق مشروعهم في دولة مستقلة، بينما في بعض اليمن، يواجه الحوثيون صعوبات في قبولهم مع قمعهم للسكان أو نيل الاعتراف بهم كسلطة شرعية، وهناك شرعية مشردة تعيش على الإعاشة دون مشروع سياسي.
كما قال المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي:
"تكمن الأزمة تحديدا في أن القديم يحتضر بينما الجديد لا يستطيع أن يولد بعد، وفي فترة الالتباس هذه بين العتمة والنور تظهرُ شتى أنواع الأمراض". إن هذه الكلمات تصف بدقة الحالة التي تعيشها اليمن والجنوب اليوم، فبينما تسعى القوى السياسية المختلفة إلى تحقيق مصالحها، يبقى الناس في الجنوب واليمن ضحية لصراعات المشاريع السياسية.
مادام لا تزل القضايا العميقة التي تؤثر على استقرار البلد وتشمل الصراع الرئيس في الحرب بين الجنوب واليمن، وغياب ثقافة الدولة لم توضع للنقاش الجاد فلا أفق حقيقي للاستقرار.
في هذه اللحظة التاريخية، يبدو أن الحلول التقليدية لم تعد مجدية، وأن هناك حاجة ماسة إلى تدخل دولي وإقليمي يُعيد الأمور إلى نصابها.