رسم متداول من قديم الزمن للشاعر عمر الخيام
هذا مقطع من قصيدة "رباعيات الخيام" للشاعر والعالم "عمر الخيام"وهو شاعر فارسي وعالم رياضيات".
رائعة الروائع وهي من أجمل القصائد العالمية باللغة الفارسية وترجمت إلى اللغة العربية عشرات الترجمات ومن أشهر من قام بترجمتها الشاعر العراقي "أحمد الصادق النجفي" وعشرات الأدباء العرب ولكن الأشهر عربيا الشاعر المصري "أحمد رامي" الذي تعلم اللغة الفارسية في باريس لأجل القيام بترجمتها من النص الفارسي".
"قال الكاتب و الروائي الأمريكي “فيتزجيرالد” عن شعر الخيام -الذي كان قد مر عليه آنذاك نحو 800 عام- : إنه شعر معجز في معانيه التأملية وإيقاعاته الموسيقية".
محرر "شبوة برس" يقدم موجر لحكاية قيام "أحمد رامي أبوشادي" الذي غنت له أم كلثوم كثيرا من قصائده لكن سيضيف محرر "شبوة برس" نبذه قيام "رامي" بالترجمة نقلآ عن صحيفة اليوم السابع المصرية":
درس أحمد رامي اللغة الفارسية في جامعة السوربون الفرنسية، حيث كان أحد أسباب رغبته بتعلم اللغة، ما لامس قلبه من شعر الخيَّام، وما هي إلا أشهر قليلة، حتى بدأ يترجم الرباعيات عن لغتها الأصلية، لتصدر الطبعة الأولى لترجمته عام 1924 في القاهرة، حيث يقول توحيد رامي، نجل الشاعر أحمد رامي، في مقدمة الطبعة الخامسة والعشرين من ترجمة أبيه لرباعيات الخيَّام:
"ظلت رباعيات الخيَّام غائبة في بطون الكتب، ضائعة في حنايا المكتبات، حتى ترجمها إلى الإنجليزية الشاعر (فتزجرالد) عام 1859، ثم تتالت بعدها الترجمات إلى لغات أجنبية، وقد صدرت باللغة العربية، مترجمة عن الإنجليزية، وشَعَرَ أحمد رامي أن الترجمة من لغةٍ إلى لغة (يقصد الترجمة عن غير اللغة الأصلية) قد تؤدي إلى فقدان بعض من الإحساس والمعاني، ولهذا قرر أن يدرس الفارسية، ليحس بروح الخيَّام في رباعياته".
وبحسب الناقد الكبير إبراهيم العريس في إحدى مقالاته: "كل هذا نعرفه كما يعرفه كثر في العالم العربي. غير أن المعروف أقل من هذا هو أن "رباعيات الخيام" التي أبدعتها أم كلثوم لم تُكتب خصيصاً لها، بل هي مجرد جزء يسير، بضعة أبيات مختارة بعناية، من بين مئة وسبعين رباعية خيّامية هي الترجمة العربية التي قام بها أحمد رامي مباشرة عن الفارسية التي تعلمها في باريس موفداً من قبل الحكومة المصرية حيث يروي بنفسه كيف اكتشف عام 1922 نسخة من رباعيات الخيام قام بنشرها المستشرق الفرنسي "نيقولا" عن نسخة طهران عام 1867، "فانقطعت لقراءتها وتوفّرت على دراستها حتى إذا انتهيت منها دار في خلدي أن أنقلها عن الفارسية إلى الشعر العربي رباعيات كما نظمها الخيام، وشجعني على ذلك افتقار اللغة العربية، إلى ذلك العهد إلى هذه الرباعيات منقولة عن اللغة الفارسية".
وبعد ذلك يحكي رامي كيف أنه قبل إقدامه على ذلك العمل راجع نسخ الرباعيات الخطية في دار الكتب الأهلية بباريس "وسافرت في مستهل عام 1923 إلى برلين حيث راجعت النسخ الخطية المحفوظة في مكتبتها الجامعة". بعد ذلك انصرف خلال العام 1924 إلى ترجمة مختارات من الرباعيات نشرت للمرة الأولى في صيف ذلك العام".
وقد أبدعت كوكب الشرق ام كلتوم في غناء هذه القصيدة، معتمدة على ترجمة أحمد رامي ابو شادي مما زاد من شهرتها لدى العرب.
وتتميز القصيدة بنظرة تأملية عميقة، لكن يلاحظ انها تنتقل من النقيض إلى النقيض.
ففي ابيات بعينها يكون الشاعر مؤمنا اشد الإيمان، وكأنه سيموت غدا، وفي أخرى يكون شاكا متمسكا بحظه في الدنيا، وكأنه يؤمن ان لا حياة بعدها، او ليس ذلك حال الإنسان في نهاية المطاف؟ فهو من حيث العمق حائر ومتقلب وتائه، وقد عكس الشاعر احواله المتباينة في قصيدته هذه.
سمعتُ صوتاً هاتفاً في السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبوا املأوا كأس المنى
قبل أن تملأ كأسَ العمر كفُ الَقَدر
لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته
فليس في طبع الليالي الأمان
غَدٌ بِظَهْرِ الغيب واليومُ لي
وكمْ يَخيبُ الظَنُ في المُقْبِلِ
ولَسْتُ بالغافل حتى أرى
جَمال دُنيايَ ولا أجتلي
القلبُ قد أضْناه عِشْق الجَمال
والصَدرُ قد ضاقَ بما لا يُقال
يا ربِ هل يُرْضيكَ هذا الظَمأ
والماءُ يَنْسابُ أمامي الزُلال
أولى بهذا القلبِ أن يَخْفِقا
وفي ضِرامِ الحُبِّ أنْ يُحرَقا
ما أضْيَعَ اليومَ الذي مَرَّ بي
من غير أن أهْوى وأن أعْشَقا
أفِقْ خَفيفَ الظِلِ هذا السَحَر
نادى دَعِ النومَ وناغِ الوَتَر
فما أطالَ النومُ عُمرأ
ولا قَصَرَ في الأعمارَ طولُ السَهَر
فكم تَوالى الليل بعد النهار
وطال بالأنجم هذا المدار
فامْشِ الهُوَيْنا إنَّ هذا الثَرى
من أعْيُنٍ ساحِرَةِ الاِحْوِرار
لا توحِشِ النَفْسَ بخوف الظُنون
واغْنَمْ من الحاضر أمْنَ اليقين
فقد تَساوى في الثَرى راحلٌ غداً
وماضٍ من أُلوفِ السِنين
أطفئ لَظى القلبِ بشَهْدِ الرِضاب
فإنما الأيام مِثل السَحاب
وعَيْشُنا طَيفُ خيالٍ فَنَلْ
حَظَكَ منه قبل فَوتِ الشباب
لبست ثوب العيش لم اُسْتَشَرْ
وحِرتُ فيه بين شتى الفِكر
وسوف انضو الثوب عني ولم
أُدْرِكْ لماذا جِئْتُ أين المفر
يا من يِحارُ الفَهمُ في قُدرَتِك
وتطلبُ النفسُ حِمى طاعتك
أسْكَرَني الإثم ولكنني
صَحَوْتُ بالآمال في رَحمَتِك
إن لم أَكُنْ أَخلصتُ في طاعتِك
فإنني أطمَعُ في رَحْمَتِك
وإنما يَشْفعُ لي أنني
قد عِشْتُ لا أُشرِكُ في وَحْدَتِك
تُخفي عن الناس سنا طَلعتِك
وكل ما في الكونِ من صَنْعَتِك
فأنت مَجْلاهُ وأنت الذي
ترى بَديعَ الصُنْعِ في آيَتِك
إن تُفْصَلُ القَطرةُ من بَحْرِها
ففي مَداهُ مُنْتَهى أَمرِها
تَقارَبَتْ يا رَبُ ما بيننا
مَسافةُ البُعْدِ على قَدرِها
يا عالمَ الأسرار عِلمَ اليَقين
وكاشِفَ الضُرِّ عن البائسين
يا قابل الأعذار عُدْنا إلى
ظِلِّكَ فاقْبَلْ تَوبَةَ التائبين.
*- للاستماع للقصيدة بصوت أم كلثوم على الرابط التالي:
https://www.youtube.com/watch?v=sfQVM70tG1A