القضية الجنوبية: من النضال التاريخي إلى الأولوية الدولية

2024-11-23 14:46
القضية الجنوبية: من النضال التاريخي إلى الأولوية الدولية
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

 

*- شبوة برس - حافظ الشجيفي

يفترض ان تكون للقضية الجنوبية ألاولوية الحاسمة على رأس الاهتمامات المحلية والإقليمية والدولية، ليس فقط لأنها تمثل جزءاً مهماً من تاريخ المنطقة، ولكن لأنها تعكس واقعاً سياسياً وثورياً عميقاً يعود إلى جذور الصراع اليمني.  فالجنوب كانت دولة مستقلة قبل أن تندمج مع الجمهورية العربية اليمنية في عام 1990 في إطار وحدة لم تكن متكافئة، إذ سرعان ما انقلب نظام صنعاء على مبدأ الشراكة الذي يفترضه الاتفاق، ليعلن الحرب على الجنوب ويحتله عسكرياً، محققاً بذلك تفرداً كارثياً في السلطة بعد أن تخلص من شركائه الجنوبيين. حيث تصيغ هذه الأحداث عدالة القضية الجنوبية وتمنحها قوة وجدانية وعاطفية يستند إليها الجنوبيون في حديثهم عن حقوقهم ومظالمهم.

إن نضال الجنوبيين الطويل منذ عام 2007 وماقدموه من التضحيات في سبيل الاستقلال هو بمثابة أضواء ساطعة تشير إلى أهمية قضيتهم، فكل خطوة في هذا الاتجاه كانت تعبيراً عن إرادة شعب يسعى لاستعادة هويته واستقلاله. على نحو لا يقتصر على كون القضية الجنوبية حقاً تاريخياً فحسب، بل ويمثل أيضاً محوراً لإعادة تشكيل واقع سياسي جديد في المنطقة، حيث يرتبط الاستقرار في اليمن بتسوية عادلة تأخذ في الاعتبار تطلعات الجنوبيين وتضحياتهم.

إن معالجة القضية الجنوبية يجب أن تكون الأولوية في أي حراك يسعى لتحقيق الاستقرار والتنمية، فهي ليست مجرد مطلب محلي، بل تعبير عن حق الشعوب في تقرير مصيرها من خلال اعلان الاستقلال ومن المؤسف أن المجتمع الدولي، في بعض الأحيان، يحاول تهميش هذه القضية ويروج لقضايا فردية لا تمثل تلك الأبعاد العامّة. في المقابل، تكون القضايا التي تخص الأفراد، مثل قضية المختطف عشال الجعدني، بمثابة أدوات تُستخدم ضد القضية الجنوبية الكبيرة، حيث يُستغل هذا الاهتمام الفردي لتفتيت وتفريغ جوهر القضية الجنوبية من أهميتها السياسية والثورية

إن أهمية القضية الجنوبية تتجاوز حدود الجغرافيا، إذ تشكل نقطة التقاء للعدالة والمقاومة والمطالبة بحقوق الشعوب. إن حل القضية الجنوبية، بما تحمله من إرث تاريخي ونضالي، يُنتظر أن يكون مقدمة لأي جهد لحل المشاكل الأخرى في اليمن، لأن تحقيق الاستقرار يتطلب بالضرورة الانصات لصوت الجنوبيين وتلبية مطالبهم العادلة. وفي هذا السياق، يصبح من الضروري أن يكون الاعتراف بحق الجنوبيين في الاستقلال حجر الزاوية لأي حوار سياسي جاد حول مستقبل البلاد، إذ أن تجاهل هذه القضية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم المواقف ويغذي المزيد من النزاعات بدلاً من توفير الحلول. لذلك، فهي ليست مجرد أولوية، بل ضرورة ملحة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.