شعب كريم تخرّج من مدرسة الشيخ زايد
الشيخ زايد لا يزال حيا بكرمه وسخائه وإنسانيته وأصالة فكره ونقاء روحه وطيبة قلبه وبياض كفيه وكل ذلك يتجسد في شخص ابنه الشيخ محمد الذي يتولى اليوم رئاسة دولة الإمارات.
*- شبوة برس - العرب
يبدو المشهد أكثر من مثالي؛ قادة الدولة يبادرون بالدعم المباشر، يعلون صوت المحبة وينشرون بذور الخير، ويأذنون لشعبهم والمقيمين بين ظهرانيهم بالمساهمة في الحملة. أسر تتسابق إلى التبرع وتتنافس عليه. رجال ونساء من كل الأعمار وكل الجنسيات يتقدمون للمساهمة بمواد الإغاثة، وأطفال يبتسمون للحياة من أرض تقديس الحياة ويتعلّمون من المبادرة معنى أن يكونوا جزءًا من مدرسة الإيثار الإماراتي التي لا تتوقف عن رسم مناهج الإيمان بالدفاع الدائم عن حق جميع البشر في الحياة السليمة والكريمة والآمنة والمطمئنة.
في 30 سبتمبر الماضي، كانت الإمارات أول دولة على مستوى المنطقة والعالم تبادر بتقديم المساعدة ومد يد العون إلى لبنان، حيث تعهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتقديم حزمة مساعدات إلى البلد الشقيق بقيمة 100 مليون دولار، وبتقديم حزمة مساعدات إغاثة عاجلة بقيمة 30 مليون دولار إلى النازحين من الشعب اللبناني إلى الجمهورية العربية السورية.
في الأسبوع الموالي، شدد الشيخ محمد بن زايد على موقف بلاده الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ووقوفها الدائم مع شعبه الشقيق، وأكد خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن موقف الإمارات تجاه لبنان يقوم على دعم كل ما يحفظ أمنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه وما يحقق مصلحة شعبه في التنمية والازدهار.
*- كانت يد الشيخ زايد ممتدة دائمًا بالخير إلى لبنان، وهناك مبادرات إماراتية التي كان لها دور أساسي في إعادة البناء والإعمار، وفي إنعاش الاقتصاد وحلحلة الأزمات المالية الطارئة، وفي مواجهة الكوارث البيئية والطبيعية والصحية
في 12 أكتوبر، أعلن عن إطلاق حملة التبرعات الشعبية “الإمارات معك يا لبنان” التي تمثل عنوانًا عميقًا للتضامن، وتقدم نموذجًا حضاريًا متقدمًا لما يمكن أن يقدمه شعب كريم تخرّج بامتياز من مدرسة الشيخ زايد، وتربّى على قيم إنسانية سامية منسجمة مع روح الأصالة الإماراتية.
انطلقت الحملة بمبادرة سامية من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ومتابعة الشيخ منصور بن زايد، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، وإشراف الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، وبمشاركة أكثر من أربعة آلاف متطوع يتولون جمع المساعدات العينية من مختلف مناطق الدولة، يتحركون بروح التضامن والتكافل والعطاء الأخوي والإنساني لمساعدة الشعب اللبناني والمقيمين على أرض لبنان والنازحين منها، على تجاوز الامتحان الصعب.
وبكل طاقتها وعلى امتداد مساحات تحركها، تشارك 24 جهة مانحة ومؤسسة تطوعية في أنشطة تجميع المساعدات في أبوظبي ودبي، من بينها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة أحمد بن زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، ودبي الإنسانية، ودبي العطاء، ومؤسسة وطني الإمارات، وهيئة الأعمال الخيرية العالمية، وجمعية الإمارات الخيرية، وجمعية دبي الخيرية، ومبادرة “يوم لدبي”.
يؤكد هذا الزخم من التكافل الإنساني على جملة من المعطيات التي أضحت جزءًا أصيلًا من هوية الإمارات كدولة وقيادة ومجتمع وسياسة عامة ونظام حياة؛ أولها هذا الفيض العارم من الكرم والسخاء والإيثار، وهذا الاستعداد الدائم لتقديم المساعدة لمن يحتاج إليها، وهو ما جعلها تتصدر قائمة الدول المبادرة بجهود الإغاثة والإنقاذ وتبنّي الأعمال الإنسانية سواء من حيث شراكتها المتميزة مع الأمم المتحدة أو من خلال مبادراتها الخاصة.
في أغسطس الماضي، أشاد برنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالأدوار البارزة لدولة الإمارات في ساحات العمل الإنساني عبر مبادراتها المتميزة التي تسعى إلى تخفيف معاناة غير القادرين وتوفير الدعم الضروري للفئات الأكثر ضعفًا، خاصة الأطفال والنساء. وأكدت الهيئتان، التابعتان لمنظمة الأمم المتحدة، أن جهود الإمارات في هذا المجال تعكس رؤية القيادة الرشيدة القائمة على تعزيز قيم العطاء والتضامن الدولي وتُجَسِّد الإيمان العميق بأهمية العمل الإنساني. واعتبر برنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الدور المحوري الذي تلعبه الإمارات في دعم الجهود الإنسانية نموذجًا يحتذى على الصعيد الدولي.
أما ثاني تلك المعطيات، فهو قدرة الدولة على فصل الإنساني عن السياسي، ورفضها الدخول في لعبة المساومات التي يحاول البعض استعمالها في سياق خدمة المصالح السياسية أو الدعائية، وإيمانها بأن الإنسان يبقى الهدف والأساس والقيمة، باعتباره البدء والمنتهى، وهو عماد العمران وصانع الحضارة. ورحم الله الأب المؤسس والقائد المعلم الشيخ زايد الذي قال: “إننا نؤمن بأن خير الثروة التي حبانا الله بها، يجب أن يعمّ أصدقاءنا وأشقاءنا”، وأوضح: “إن التعاون بين البشر يؤدي إلى التراحم الذي حث عليه الخالق سبحانه وتعالى، فالإنسان يجب أن يكون رحيماً على أخيه الإنسان وعلى الحيوان وعلى النبات، فالله عز وجل يرحم من يرحم”، مؤكدًا أن “الغنيّ يجب أن يساعد الفقير، والله العلي القدير منحنا هذه الثروة لتطوير بلادنا، وفي الوقت نفسه للمساهمة في تطوير الدول الأخرى”.
ولأنه إرث استثنائي ومثالي ونموذجي وعنوان للرسوخ القيمي والسمو الحضاري، ولأنه مدرسة قائمة بذاتها ومنهج مرتبط بروح الانتماء إلى الهوية الإماراتية، فإن الشيخ محمد بن زايد، أطلق في 29 مارس الماضي “مبادرة إرث زايد الإنساني” بقيمة 20 مليار درهم تخصص للأعمال الإنسانية في المجتمعات الأكثر حاجة حول العالم. وقبل ذلك، قال بوضوح: “إننا ماضون في مسيرة العمل الإنساني ومد يد العون للشعوب المحتاجة دون تمييز عرقي أو ديني، وهذه قيمنا الأصيلة التي نعتز بها”، مشيرًا إلى أن “ما يعانيه الأبرياء من جراء الحروب ومن وطأة الجوع والعوز يحتم العمل سويًا لمواجهة هذه التحديات ووضع الحلول لإنهاء المعاناة والحد من تفاقمها”.
واليوم عندما يرتفع شعار “الإمارات معك يا لبنان”، فإنما يجسد تلك القيم التي كرّسها الأب المؤسس واستنار بها أبناؤه من القادة والمواطنين ومن اختاروا السير على نهجه، ويترجم المشاعر الإنسانية النبيلة إلى واقع معيش، حتى أن اللبناني الذي دفعت به الحرب إلى النزوح داخل بلاده أو خارجها، والذي فقد مصدر رزقه، أو وجد نفسه شريدًا يحتاج إلى مأوى، أو مريضًا يحتاج إلى علاج، أو سائلاً يحتاج إلى يد تحنو عليه، أصبح يدرك اليوم أن هناك دولة هي دولة الإمارات تفكر فيه، وأن هناك قيادة هي قيادة محمد بن زايد وجهت بالوقوف إلى جانبه وتلبية حاجاته، وأن هناك أيادي بيضاء هي أيادي أهل الإمارات مواطنين ومقيمين تمتد إليه بالنجدة والمدد والعون.
وهذه ليست البادرة الأولى التي تقف فيها دولة الإمارات إلى جانب لبنان، وإنما هي حلقة من مسلسل يمكن القول إنه شكّل تضامنًا ملحميًا وعلاقة عريقة وعميقة بين البلدين. الإمارات لا تزرع الألغام ولكنها تزيلها من الأرض، وتفسح الطريق للأمان كي يسود، وللحياة كي تستمر، وللإنسان كي يسير في الأرض دون الخوف من زلزال الخراب الذي يهتز من تحت قدميه ليحيله فريسة سهلة للموت أو للإعاقة. في 25 أكتوبر 2001، أعلنت عن تنفيذ مشروعها التضامني لإزالة الألغام والقنابل العنقودية في جنوب لبنان، بتكلفة قدرها 50 مليون دولار، بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية.
*- الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تعهد بتقديم حزمة مساعدات إلى البلد الشقيق بقيمة 100 مليون دولار، وبتقديم حزمة مساعدات إغاثة عاجلة بقيمة 30 مليون دولار إلى النازحين من الشعب اللبناني إلى الجمهورية العربية السورية
في أكتوبر 2009، وخلال حفل الإعلان عن اختتام المشروع، قال رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة: “إن هذه الجهود وفرت على لبنان وعلى اللبنانيين الكثير مما كان يمكن أن يتحملوه لولا هذه المساهمات المهمة من قبل دولة الإمارات العربية وغيرها. إلا أن ما أريد قوله إن العلاقة بين لبنان والإمارات العربية المتحدة لا تقتصر على هذه المناسبة القيمة والمهمة فقط، بل إن جذور العلاقة اللبنانية والإماراتية تضرب عميقًا في الأرض”.
وأضاف: “إن اللبنانيين يذكرون لمؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أطيب الذكريات وحسن المودة. فلبنان والإمارات بلدان شقيقان لديهما ذات الاهتمامات والانتماءات المشتركة نتيجة لحقيقة كبيرة أسستها التجربة التاريخية والثبات في الروح العربية التي طالما عبرت عنها وأثبتتها بالممارسة دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه لبنان وباقي الدول العربية”.
كانت يد الشيخ زايد ممتدة دائمًا بالخير إلى لبنان، وهناك العشرات من المبادرات الإماراتية التي كان لها دور أساسي في إعادة البناء والإعمار، وفي إنعاش الاقتصاد وحلحلة الأزمات المالية الطارئة، وفي مواجهة الكوارث البيئية والطبيعية والصحية، وفي إعادة ابتسامة الأمل إلى شفاه أولئك المكتوب عليهم أن يدفعوا فواتير السياسات الخاطئة وتغوّل الميليشيات والتدخلات الخارجية واتساع دائرة الفساد ونهب المال العام بشكل يكاد يكون لصيقًا ببنية الدولة اللبنانية منذ تحولها إلى ساحة للاحتراب الطائفي والتنافس الإقليمي والدولي على النفوذ إلى كواليس سياستها ومفاصل مجتمعها.
الشيخ زايد لا يزال حيًّا بكرمه وسخائه وإنسانيته وأصالة فكره ونقاء روحه وطيبة قلبه وبياض كفيه، وكل ذلك يتجسد في شخص ابنه الشيخ محمد الذي يتولى اليوم رئاسة الدولة، والذي يكرّس دوره كقائد وزعيم بأبعاد إنسانية سامية متجذرة في جيناته ومترسخة في قناعاته، وفي عموم الشعب الإماراتي الذي يعرف جيدًا كيف يحبّ وكيف يدعم ويساند وكيف ينقذ ويغيث وكيف يكون دائمًا في مقدمة مواكب الخير.