*- النبيُّ في الموروث لا يغض بصره.
*- النبيُّ في الموروث لا يستحيي من ذكر شؤونه "الحميمة".
*- النبي في الموروث يصف المرأة بأنها شيطان في جميع أحوالها؛ مقبلةً ومدبرة.
هذه عبارات مؤلمة أشدَّ الإيلام لكل مسلم؛ لأن لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، مكانةً شاهقة السموّ في نفس كل مسلم من الملايين الألفَين الذين لا يفتؤون يذكرونه بالخير، ولا يَسْأمون إظهارَ حبِّهم الجَمِّ له، وشوقِهم العارِم لمجرد رؤية المُحَّيا الشريف ولو طَيفَ وَسْنَان، ولا تفتُر ألسنتهم عن إزجاء السلام إليه كلَّ حينٍ وفي كل مكان.
ولكن، مع عظيم الأسَى والأسَف، فلم يتنبَّه مَن دَوَّن مرويات الموروث، إلى أيٍّ من هذه الحقائق الجَلِيَّة، وهذه المشاعر الراقية الصادقة التي قلَّما تَحظَى بمِعشارِها شخصيةٌ عامَّةٌ عبر تاريخ البشرية، وضرب بعرض الحائط كل ما ذكرناه أعلاه دون أن يَرِفَّ له جفن.
بل الداهية والباقعة والفاقرة والطامة، هي أنه قد عارض صريح القرآن الذي لم يَصِفْ خُلُقَ أحدٍ من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، بما وصف به خلق الرسول الأعظم والنبي الأكرم، ليس بقوله: "أنت ذو خلق" فحسب، بل بزيادة المعنى رُسُوخًا بـ "إنَّ" التي تفيد التوكيد، ولكن ليس فقط بقوله "إنك ذو خلق"، بل زاد المعنى تارةً أخرى بلام التوكيد، ولكن أيضًا لم يكتفِ بقوله: "إنك لذو خلق"، بل زاد التوكيد كَرَّةً ثالثة بتعظيم ذلك الخُلُق الرفيع الرفيع، فقال عَزَّ قائلًا حكيمًا مخاطبًا حبيبَه ومصفطاه ورسوله الكريم ونبيَّه الخاتَم: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم) القلم 4.
واسمح لي – عزيزي القارئ - أن أخرجك من هذه الأجواء العبقة بعطر الشمائل المحمدية المشرَّفة، وأن أتلو عليك ما ورد في كتابٍ يوصَف – دون تحفُّظ – بأنه من كتب "الصحاح" في أقوال نبي الخُلُق العظيم وأفعاله.
حيث أورد مسلم في "صحيحه" برقم 1403، عن جابر بن عبدالله:
" أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً، فأتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهي تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلى أَصْحَابِهِ، فَقالَ: إنَّ المَرْأَةَ تُقْبِلُ في صُورَةِ شيطَانٍ، وَتُدْبِرُ في صُورَةِ شيطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ؛ فإنَّ ذلكَ يَرُدُّ ما في نَفْسِهِ".
ونحن نتساءل بحزن وغضب معًا: مَن أخبَر الناس عن هذه الدقائق الخفيَّة من حياة الرسول الخاصة وعلاقاته الحميمة؟!
إذ إنني لا أتصوَّر بتاتًا أن الرسول قال لصحبه: اسمعوا يا قوم، لقد شَبِقْتُ لَمَّا رأيتُ امرأةً لم أُطِعْ أمرَ ربي فيها ولم أغضض بصري عنها، فأتيت زوجتي وهي تفعل كذا وفعلت كذا وكذا!!
ثم ما ذنْب المرأة كي تُوْصَف بأنها شيطان؟! والشيطان ملعون مطرود مرجوم مغضوب عليه، ولا أظن أحدًا يقبل بأن تُوصَفَ أمه وأخته وبنته بأنها ملعونة مطرودة مرجومة مغضوب عليها!!
ولا أجد - وأيمُ الله - ما أختم به هذا المنشور المؤلم إلا بقول ما يقوله المُصَاب: إنا لله وإنا إليه راجعون.