دور "محمد علي باشا" في إنقاذ اللغة العربية من الطمس على يد الخلافة العثمانية

2024-07-04 17:49
دور "محمد علي باشا" في إنقاذ اللغة العربية من الطمس على يد الخلافة العثمانية
شبوه برس - خـاص - القاهرة

 

*- شبوة برس – د حسني أحمد علي المتعافي (*)

محمد علي، هذا العبقري المظلوم من أعظم من خدموا اللسان العربي على مدى العصور، فهو الذي قرر وأصرّ بمحض اختياره على أن يكون اللسان العربي، الذي لم يكن هو أصلًا يجيده، بحكم أصله المقدوني التركي الألباني، اللسان الرسمي لدولته التي أسسها في مصر، دون أن توجد أي قوة تجبره على ذلك، كانت لغة الخلافة العثمانية هي التركية، ولم تكن توجد أي دولة في عصره تستعمل اللسان العربي، كان يمكنه استعمال اللسان التركي الذي كان يجيده، أو فرض اللسان الفرنسي بحكم صداقة دولته لفرنسا واستعانته بها لإنجاز مشروعه الحضاري، ولكنه اختار اللسان العربي لسانًا لدولته رغم عداء مشايخ الجهل والتخلف له، فكان بذلك من أسباب ترسيخ عروبة مصر، بدون جعجعة أو تجعير أو خطب رنانة أو أساليب غوغائية أو رفع أي شعارات أو استعانة بمطربين.

وفي سبيل ذلك:

1. أنشأ المطبعة الأميرية التي قامت بطبع أمهات الكتب العربية.

2. أنشأ مدرسة الألسن لترجمة كل علوم الحضارة إلى اللسان العربي.

3. جعل اللسان العربي لغة المدارس الحضارية التي أنشأها على النمط الفرنسي، وكان النظام فيها عسكريا.

4. أنشأ جريدة الوقائع المصرية، وهي أول جريدة مصرية وعربية وإسلامية تصدر باللغة العربية.

وسرعان ما آتت جهوده أكلها فتم إحياء اللسان العربي، وتم تحديثه والرقي به إلى أعلى المستويات، وظهر الشعراء المصريون العظام، والكثير منهم لم يكونوا من أصل عربي، كما ظهر المفكرون والأدباء والفلاسفة الذين كتبوا بالعربية، وتم على أيديهم جعل العربية لغة عصرية.

ولو تمَّ متابعة جهوده لكان اللسان العربي الآن من ألسنة العلم.

ومن الجدير بالذكر أن تدهور اللسان العربي الشديد في مصر حدث في ظل الحكام الذين رفعوا شعارات القومية العربية، هذا في حين أنهم لم يكونوا يجيدون الحديث بالعربية أصلا.

ولعل المصريين لا يعلمون أن خطب الساسة المصريين قبل انقلاب 52 الإجرامي الهمجي، وقبل عصر القومية العربية، كانت آيات في البلاغة، وأن الكثير من المسيحيين في مصر كانوا يتعلمون القرءان ويحفظونه حتى يجيدوا العمل كرجال دولة وكمحامين.

 

*- باحث في دين الحق – القاهرة