خالد رجلٌ سَيّئ، ومصطفى رجلٌ خَيِّر. مصطفى يبغض خالدًا لسوء خلقه، ويذكره بالسوء. وذات يوم، استأذن خالد للدخول على مصطفى، فلما أبلغ الخادمُ مصطفى بذلك؛ استاء من قدوم خالد، ووصَفَهُ بوصفٍ قبيح. فلمَّا دخل خالدٌ؛ رحَّبَ به مصطفى وبَشَّ في وجهه.
السؤال: بماذا يمكن أن نَصِفَ مصطفى؟!
الجواب عند القارئ.
والآن، لِنَرَ ماذا في الحديث رقم (6054)، في "أصح كتاب بعد كتاب الله"، وأعني به "صحيح البخاري"، وهذا نَصُّ الحديث:
"اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ علَى رَسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – فَقالَ الرسول: ائْذَنُوا له، بئْسَ أخُو العَشِيرَةِ، أوِ ابنُ العَشِيرَةِ، فَلَمَّا دَخَلَ ألَانَ له الكَلَامَ، فقالت عائشة: يا رَسولَ اللَّهِ، قُلْتَ الذي قُلْتَ، ثُمَّ ألَنْتَ له الكَلَامَ؟ قالَ: أيْ عَائِشَةُ، إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَن تَرَكَهُ النَّاسُ، أوْ ودَعَهُ النَّاسُ، اتِّقَاءَ فُحْشِهِ".
وإني قائلٌ لمَن يروي هذا الحديث – بَلْهَ أن يُصَدِّقَ به – إن سيدي محمدًا لم يكن منافقًا ولم يكن مُحابِيًا ولم يكن غشَّاشًا، وحاشاهُ ألف ألف مرة.
فهو بوصفه رسولًا مبلِّغًا ونبيًّا موجِّهًا؛ كان حَتْمًا عليه أن يُغلِظَ القول للرجل، وأن يأمره وينهاه حتى يَرعَوِيَ عمَّا هو عليه من السوء والفُحش؛ لأنه – صلى الله عليه وسلم – إلَّمْ يفعل ذلك؛ فسيظنّ الرجل – والناس - أن الرسول راضٍ عنه، وأنَّهُ ما هَشَّ له وبَشَّ وأَلَانَ القول؛ إلا لأنه لم يأتِ نُكْرًا ولم يفعل إمْرًا.
فإلى متى تبقى الأحاديث المسيئة للمقام الأَسْنَى في طبعات هذا الكتاب؟! تلك الأحاديث أو الأقاويل التي – بالنظر إلى السيرة العطرة للإمام محمد بن إسماعيل البخاري – من المؤكَّد أنها سُمٌّ قد دُسَّ في عسل ما رواه بالفعل رحمه الله.
وأختم بالقول في أَسًى بالغ: إن من يَرْوِ تلكم الأُحدُثات التي تحاول النَّيْلَ من مقام الرسالة وجناب النبوًّة، قد قام واعيًا أو غيرَ واعٍ، بتكذيب الله - تعالى وتقدَّس - حبيبَه وصَفِيَّه من خلقه بقوله الفصل: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم) القلم 4.