لا للتمييع) في ما يخص ثوابت الدين، وهي:
1كتاب الله المعظَّم.
2- السنَّة الفعلية المتواترة التي فَصَّلَت ما أُجمِلَ في القرآن من كيفيات العبادات الأربع: الصلاة، الزكاة، صيام رمضان، الحج.
3- ما وافق القرآن من أقوالٍ منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم. فإنه لا مُحاباة، ولا مُدَاهَنَة، ولا تمييع، ولا مراعاة لمشاعر المخالفين، ولا مُهادَنَة، ولا هَوَادة، ولا "طبطبة"، ولا استخذاء، ولا ضعف، ولا تهاوُن، ولا تخاذُل. ذلك أن على مَن تصدَّى للدفاع عن تلكم الثوابت المُفَدَّاة بالنفوس قبل الأموال، أن يكون صلبًا غاية الصلابة، راسخًا رسوخ الطَّود الأَشَمّ، ليثًا هَصُورًا ونَمِرًا نَهُوسًا، ومقاتلًا شرسًا مقدامًا غيرَ وَجِلٍ ولا هَيَّاب، ومحاربًا مستميتًا مستقتلًا مستتلِفًا لا يخاف - في سبيل أداء أمانته ورسالته المقدَّسة - لومةَ لائم ولا ازدراءَ مُزْدَرٍ ولا استهزاءَ مستهزيءٍ ولا عتب قريبٍ ولا صاحبٍ ولا صديقٍ حميم.
فإلَّمْ يكن كذلك؛ فليس هو بِكُفْءٍ للاضطلاع والنهوض برسالة القلم، وَلْيَلْزَمْ بيتَه، وليترك ساحَ الحرب الضروس والمعركة الطَّحُون، للأَكْفاءِ من ذوي النُّهَى وأرباب الحِجَى وأولي الألباب، وفرسان قِرَاعِ الكتائب واصطدام الأبطال وتناطُح الجبال؛ لأنه سيكون من المعوِّقِين والمخذِّلين والمثبِّطين، في حربٍ هي حرب الحق والباطل، والإيمان والكفر، والإسلام والإجرام.
وفي الحروب العظيمة؛ لا مكان للجبان الرعديد، ولا للنِّكْسِ الجَزُوع، ولا للخائر والخَضُوع. ولِمَن يقدِّر الثقافة الغربية، أقتبس من الإيطالي "دانتي غالييري" في "الكوميديا الإلهية" ما ذكره في الفصل الثالث "إنفيرنو"، حيث قال - والحكمة ضالة المؤمن -: "إن أشدَّ أماكن الجحيم ظُلْمَةً، قد أُعِدَّت لأولئك الذين يلتزمون الحياد، في المعارك الأخلاقية الكبرى".