لم يرتكب الاستاذ محمد الغيثي خيانة حين قال ان "الكثير يعتقد ان مهمة هيئة التشاور والمصالحة هي حل قضة شعب الجنوب وهذا توصيف غير دقيق ابدا...الخ التصريح"، هذا التصريح قلب الميديا الاليكترونية
فالمعادون لمشروع استقلال الجنوب صرخوا طربا "وانهم هم وحدهم ذوو النظرة الثاقبة وهم وحدهم العارفين بالضبط الى اين تتجه الامور" واخذوا هذا التصريح ان الانتقالي سيردد الصرخة كما يتمنى بعضهم او انه سيرضخ لليمننه وفقا للمرجعيات الميتة كما يتمنى البعض ، وان الغيثي جاء بها من الاخير ...الخ!!!
ونقول لهؤلاء ما قاله "جورباتشوف" حين شكك البعض في قدرة اجراءاته على هدم البنيان السوفيتي فقال:
"ان معجون الاسنان اذا خرج من قنينته لا يعود اليها"
والجنوب خرج من قنينة اليمننة كامر واقع ولديه ذراع خشنة ، لكنه لم يخرج عنها في قضايا اجرائية سياسية وقانونية ومالية ودبلوماسية ..الخ وهي بوتقة الصراع الحالي وهي اشد الماً
واخرون بلغ حرصهم ان ظنوا ان الامور سوف يتم كلفتتها في ليلة وضحاها ولا يريدون ان يسمعوا الا ما يؤمنون به ، فاتهموا ان قادة الانتقالي انهم ليسوا فاضيين للقضية الجنوبية وانه يهمهم الشان الوحدوي والشراكة وووو...الخ
ونقول لهؤلاء المتحمسين لايكون حالكم كحال ذاك البدوي الذي حضر بابنه يريد ان يعلمه القرآن فقال للمعلم انا مستعجل :
"اباك تعطيني قراني في مسبي"
-المسب: وعاء من جلد لحمل الاغراض-
ان الأمر الواقع لايحقق دولة والحرص لدرجة الاتهام يعطي اعداء المشروع مادة يستخدمونها كما يحلو لهم ، فجمهورية "ارض الصومال" فرضت امرا وقعا منذ 1990م ولم يعترف بها احد حتى الان ، فالدولة ليست امر واقع فقط بل اجراءات سياسية ومالية ودبلوماسية وتحالفات دولية ..الخ وهي تحتاج اطار لحل القضية الجنوبية وللوصول الى صيغة يجب تفعيل الامر الواقع في هذه المرحلة وتكوين مركز سياسي ومالي واداري واقتصادي وتجاري واستثماري جنوبي ، ووضع اطار تفاوضي لحل القضية الجنوبية سيشرعنها دوليا واقليميا وهو المكمل لسلطة الامر الواقع
ان هيئة التشاور والمصالحة من مخرجات اتفاق الرياض الذي صمم الشراكة الجنوبية / الشمالية وليس من مهامها حل القضية الجنوبية ، والبعض يعتقد كل الجنوبيين في الوزارة وفي الشراكة انتقاليين وهذا فهم غير دقيق فبعضهم غير انتقالي وبعضهم ضد الانتقالي اكثر من بعض الشماليين ، وهناك تيار اعلامي يجعل كل الشراكة الجنوبية شراكة انتقالي ليوظفها ضد الانتقالي وبالتالي يرمي كل سلبيات الشراكة على الانتقالي
لا اقول ان اتفاق الرياض مثالي فقد كان المتاح حينها وكان خيار فيه منافع ومضار كاي شراكة بين طرفين تفرّقهما عوامل اكثر مما تجمعهما ، وطالما وان الشراكة التي جاءت بعد اتفاق ومشاورات الرياض كضرورة مرحلية قد عوّل عليها شعب الجنوب كثيرا في ان تنقله الى مراحل افضل على المستوى السياسي والاقتصادي والمعيشي وهذا الذي لم يحصل حتى الآن بسبب عوامل خارجية وبسبب سياسات الطرف الآخر الذي استغل موقعه لصالح خدمة اجنداته فان ذلك يستدعي اليوم من قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بعد سنوات من هذه الشراكة ان يكون اكثر جدية واكثر حزما وصرامة في وضع حد لكل التصرفات العبثية التي تستهدف حاضنته الشعبية التي باتت اليوم اكثر معاناة واكثر قلقا على مستقبل ومصير قضية الجنوب التي دفع في سبيلها فاتورة باهظة من الدماء
18 مايو 2024م