امريكا ومحال بقاء الحال
يشهد العالم تنافس محموم بين القوى العظمى، واهمها بين امريكا والصين ،والمتابعون والمحللون والسياسيون يدركون ان هذا التنافس سوف يفضي الى نشوء قوة جديدة متعاظمة بعد سنوات ، وهذه القوة هي الصين .
وعن اسباب بلوغ الصين خلال ثلاثين سنة هذا التطور العجيب فهي كثيرة ، ومنها التطور في الذكاء الصناعي وعلوم المعادن
والتعليم الذي حقق في الصين قفزات مدهشة بل وغير مسبوقة وكذلك جودة المنتج الصيني مقارنة مع السعر بل وسياسة الصين التي تتواضع وتتفهم متاعب دول العالم وكرم الصين في الدعم والمنح المالية والقروض الميسرة والاهم من ذلك الطاعة والاخلاص الشعبي للنظام .
وعن امريكا فقد هيمنت سطوتها على العالم وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، واكتسح نفوذها كل بقاع العالم وانتصرت في كل المجالات لكنها احبت نفسها حتى الثمالة .والمثل اليافعي يقول ( من حب نفسه فارقته الناس )
وعن اسباب بداية التراجع الامريكي فهي كثيرة ، ومنها ان امريكا لم تساهم في استقرار العالم بل ساهمت في اقلاق سكينته ، فهي تستطيع على سبيل المثال حل الكثير من مرهقات افريقيا ، وكذلك توجيه تعليمات الى اسرائيل بوقف زحفها على ما تبقى من ارض فلسطينية واعلان الدولتين وسيتم ذلك دون تردد من ربيبتها بل وتستطيع امريكا ان تساهم في عودة جزيرة تايوان الى البر الصيني ضمن حل ستقبله الصين واعلنت رضاها عنه ، وهو قبول بقاء النظام الديمقراطي في تايوان . وذلك اسوة بما تم تطبيقه بعد عودة
هونج كونك البريطانية بل وماكاو البرتغالية .
وعن الصين فقد دخلت اليوم في سباق تجاري وعسكري ونفوذي مع امريكا ، وهي في كل يوم تكسب بينما امريكا تتراجع ، وهذه سنة الحياة ، فقد كانت بريطانيا الدولة المهيمنة في العالم وكذلك كانت في التاريخ القديم روما بل والفرس وتركيا بل ولا ننسى ان العرب حققوا سطوتهم على مساحات عظيمة تمتد من الجزيرة العربية وشمال افريقيا الى تخوم الصين والهند واسبانيا .
على ان الحدث الاكبر الذي يعيشه العالم هو تشكل منظومة ( بريكس ) ومن نطقها تعني طوب البناء وهذا الاسم يتكون من الاحرف الاولى للدول التي اسست هذه هذه الكتلة العظيمة ( بريكس) وتعني البرازيل . روسيا . الهند . الصين . وجنوب افريقيا .
ولقد طلبت اخيرا ٣٠ دولة الانضمام الى منظمة بريكس ، وتم قبول ست دول الى عضويتها وهي . المملكة العربية السعودية . ايران . الارجنتين . مصر . اثيوبيا . والامارات العربية المتحدة .
هذه الكتلة ( بريكس) تتنافس على الانضمام اليها اليوم اكثر من ٢٤ دولة منها دول عربية مثل الجزائر وفلسطين والكويت والعراق .
تشكل هذه الكتلة او المنظومة مساحة اكثر من ٤٠ مليون كيلو متر مربع من مساحة اليابسة ، وقوة مالية تزيد عن ٢٩ ترليون دولار . والاخطر هو تبني دول ( بريكس بلص ). وهذا اسمها الجديد بعد انضمام الدول الست . الاخطر هو تاسيسها لمنظومة مالية وعملة مغطاة ومضمونة بالذهب .
هل هذا يعني بداية افول امريكا وانحسار نفوذها على العالم ؟ والحقيقة فان الانحسار واضح، ولكن هناك توجه قوي لدى امريكا والحلفاء على التمسك بمنطقة الشرق الاوسط وافريقيا . وربما هذا سيحتم عودة تركيز الولايات المتحدة الى توطيد كتلتها ( نافتا ) والتي تضم امريكا وكندا والمكسيك ، وربما السعي لضم دول كثيرة الى ( نافتا )في امريكا الشمالية والجنوبية .اي نافتا بلص .
خلاصة القول ان الصين اليوم قوة تتعاظم بدون تردد او نكوص وانها وبعد سنوات سوف يكون لها القول الفصل في الشأن العالمي وهكذا الايام نداولها بين الناس .