يدور الحديث عن محادثات تفضي الى التقارب بين حزب المؤتمر وحزب الاصلاح بهدف ردم الخلافات وربما الخروج بتصور موحد للتفاوض ككتلة وطنية واحدة .
والحقيقة التي يعرفها الجميع ان حزب المؤتمر هو الذي شكل ومول ودعم حزب الاصلاح ، ليكون عونا للمؤتمر في الفوز في الانتخابات ، على ان حزب الاصلاح تشكل ليكون بهوية قبلية ولكن سرعان ما احتوى كل اصحاب الميول الدينية المحافظة .
وعن حزب الاصلاح فهو اليوم يحمل هوية حزب ديني محافظ ولهذا فهو يتماهى مع كل الاحزاب الدينية المتشددة في الوطن العربي ومنها حزب الاخوان وحماس في غزة .
كنت قبل فترة في حوار مع مجموعة وتحدثت ان الاحزاب تستنفذ في أحايين كثيرة شعبيتها ، بسبب قيادات متطرفه او بفعل المتغيرات السياسية العالمية ، ففي كندا كان ينشط في الخمسينات احد الاحزاب الشيوعية ، ولكنه فقد شعبيته بل تهان الى الحضيض ، فتحول الى حزب معتدل تحت مسمى ( الحزب الوطني الديمقراطي ) ومكنته هذا التغييرات في ادبيات الحزب ومناهجه من الفوز بمقاعد برلمانية كثيرة بل ووصل الى سدة الحكم في بعض الاقاليم الكندية .
وبامكان حزب المؤتمر وحزب الاصلاح الاندماج في حزب بجناحين مع تغيير مسمى الحزب تماشيا مع الاندماج . على ان حزب الاصلاح يضم اعداداً كبيرة من العلمانيين ومن الليبراليين ومن المحافظين المتشددين . واعجب ان حزب الاصلاح يتماهى مع حزب العدالة التركي ولكنه لم يتاثر به ، حيث ان حزب العدالة التركي الذي يرأسه رجب اوردغان والذي يهيمن على الانتخابات والمشهد السياسي التركي لسنوات، فهذا الحزب لا يتردد في ان يعلن علمانيته ويبرزها بل ويفاخر بها . على ان العلمانية طبقت في عهد رسول الله في اعلان دستور المدينة الذي وطد للتعايش بين المجموعات الدينية اي المسلمين واليهود والنصارى والصابئة، وكلمة ( علمانية ) ارتبط خطأ برفض الدين والحقيقة ان العلمانية هي الاعتراف بالاديان ومنح الاقليات الدينية حقوقها وممارسة شعائرها ودعم تعليم هذه الاقليات لدينهم ولغتهم كما تطبقه هنا الحكومة الكندية ( العلمانية ) بكل دقة واخلاص .
وعودة الى المحادثات التي يقال انها تدور بين حزب المؤتمر والاصلاح ، فمن المبكر التكهن بما سوف تفضي اليه ، وهناك من يستبعد نهائيا فكرة الاندماج ولكن فكرة التصالح واردة لتقوية موقفهم التفاوضي مع انصار الله .
وعن حزب الاصلاح فجينته الوراثية تنتمي الى حزب المؤتمر ، ولا ينكر ذلك الا مكابر فهو (اي حزب الاصلاح ) هو الذي رفض اعلان مرشحه اثناء احد الانتخابات الرئاسية ، وهي سابقة لم تشهدها اي دولة ديمقراطية في العالم ، على ان اي متابع لتاريخ حزب الاصلاح ونشأته يدرك ان قوة الحزب ليس من خلال دعم الاعضاء او التبرعات ، بل من خلال دعم جزيل من قبل حزب المؤتمر ،والحزبان وجهان لعملة واحدة فرقتهما المنافسات والضغائن .
ونصيحة لحزب الاصلاح فهو يواجه رفض عالمي واقليمي بسبب تشدداته ، والحل هو في اعلانه لمؤتمر ليعيد كتابة منهجه ويستلهم المتغيرات العالمية والثقافية وينهل من تجربة حزب العدالة التركي الذي يرعاه اليوم ويحتضنه .
*- فاروق المفلحي