من الحقائق التاريخية عندما تسقط أي بلاد في صراع داخلي وتتدخل في هذا الصراع قوى أخرى تدعم أطراف النزاع، لابد أن يكون لتلك القوى اهداف من وراء التدخل اما اطماع توسعية أو اقتصادية أو تنصيب حاكم موالي لها او غيرها! المهم ان التدخل لسبب من الأسباب، وهذه حقيقة كل تدخل أجنبى في اي بقعة في العالم، لا أحد يتدخل ويضحي (مجابرة أو لأجل سواد العيون).
ولابد ان يوازي هذا التدخل سياسات تعمل على تثبيت التدخل والتواجد على الأرض، ومن اهم تلك السياسات سياسة "فرّق تسد" التي تُتبع في بلادنا في الوقت الحاضر وبدأت تظهر نتائجها على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهي سياسة قديمة تتجدد كلما دعت الحاجة لها.
كما أنها إحدى اهم الركائز التي اعتمدها الإستعمار منذ سبعينات القرن التاسع عشر لتثبيت سيطرته على البلدان التي يحتلها.
مايشهده الجنوب من حرب اقتصادية معلنة وتفريخ مكونات واحلاف وإن كانت صغيرة وهزيلة تندرج تحت عباءة هذه السياسة التي تفرق الشمل وتضعف المجتمعات والشعوب وتعمل على تركيعها للقبول بأي شيء مقابل لاشيء!.
ومن الأهمية ان نفهم كشعب ان تشتيتنا وتفريقنا بهذه الصورة التي نراها هي سياسة مرسومة لأهداف إستراتيجية خارجية لن نكون آخر حلقاتها في المنطقة، والحليم تكفيه الإشارة.
في واقعنا اليوم من المؤكد اننا لسنا بحاجة كل هذا التفريخ الذي ينبت مثل أشجار "السيسبان" وينتشر في زوايا الوطن.
نحن بحاجة إلى لم الشمل وتوحيد الكلمة والبعد عن كل ما يفرقنا ويباعد بيننا وإن نعمل لكي لاتتحول تلك السياسات إلى ألغام تتفجر في البلاد مستقبلاً وتعصف بها من جديد.
والحقيقة التي لابد من الوقوف عندها ان مايحصل في الجنوب من تدخل وتداخل لخلخلة النسيج الإجتماعي ومحاولات تشكيل كيانات تحت مسميات شتى قد يصل الأمر إلى أن تشكل كل قبيلة أو جماعة حزب أو تنظيم خاص بها، من السهل على من يقف وراء ذلك إذكاء نار الفتنة والعداوة بينها، هي سياسة ممنهجة للإضرار بالجنوب وشعبه وقضيته.
وهي بذور فتن ويجب على العقلاء "إن كان يوجد عقلاء في هذا الزمن" محاربة هذه السياسة اللعينة التي تمارس في الجنوب لأن معظم النار من مستصغر الشرر.
عبدالله سعيد القروة
١٧ أغسطس ٢٠٢٣م