اضاع الجنوب كنوزاً من الُلقى والاثار والمواقع حيث تَعرض المتحف في عدن للنهب ومنها الكنز الذهبي من عملات ذهبية والذي اكتشفها مواطن من لحج مدفونة في حقله ، وسَلِم هذا الكنز من النهب في حرب ٩٤ بمعجزة ربما بسبب نقله الى موقع آمن . واُعيد الكنز اي كنز كنز ( اكسوم )الى المتحف ثم فُقد ولا يعرف مصير هذه المصكوكات الذهبية النادرة حتى اليوم .
وعن الانجليز فقد عُرف عنهم نهب الآثار بل هدم الاثار ومنها آثار تاريخية بالغة الاهمية في الهند بل ان بريطانيا باعت ( تاج محل ) لتاجر بريطاني لنقل الرخام النادر الى بريطانيا ولولا تدخل الفلاحين في منعهم من هدم الضريح لكان تاج محل قد اصبح اثراً بعد عين .
تابع والدي المرحوم الشيخ قاسم المفلحي بآلم بالغ ما سيقع لبوابة عدن التاريخية من هدم لتوسعة الطريق الجبلي وحاول التواصل حينها مع الجهات الرسمية لمنع تفجير بوابة عدن التاريخية ولكن قرر المقاول المضي قدما في تفجيره دون ان يعترضه احد فضاع اثر مهم من تاريخ عدن .
وقيل أن صهاريج عدن كان يوجد بها متحف يعرض بعض اللقى التي عثر عليها اثناء ازالة التراب من الصهاريج ومنها بعض الهياكل العظمية وجمجمة بشرية وجدت في حجر من الحمم البركانية وضاعت جميعها .
كما تم هدم مسجد الصحابي -ابان- في التاريخي في كريتر ، حيث ازيل لخاطر التوسعة مع انه كان بالامكان الابقاء على المسجد وتوسعته من الجهات التي تسمح دون هدمه ويبقى ضمن المسجد الاثري ضمن حمى المسجد . هناك ايضا صهريج ضخم دفن في منطقة قريبة من منطقة البنوك في كريتر ويحتاج من بلدية عدن إلى أن تشتري الأرضية وتعيد هذا الآثر الهام بالتعاون مع منظمات عالمية ومنها اليونسكو .
على ان البعض يعتقد ان الجنوب قد نهبت كل اثاره وهذا لا يوافق الحقيقة ، فلا زالت بيحان والضالع ويافع وابين ولحج تزخر بهذه الاثار ، وربما تكفي لفتح وتدشين عشرات المتاحف ، كما ويحتاج الجنوب الى فتح تخصص فرع الآثار ضمن ملية الاداب وعلينا ان لا نهمل آثارنا وتاريخنا العتيد .
وعن يافع فهناك من يعتقد ان البيوت والحصون والقلاع ليست بتلك الاهمية لاعادة ترميمها ، ولكنني لا اطلب لاعادتها للسكن بل للابقاء عليها كشاهد على تاريخ يافع في فنون البناء كما وهناك مدرجات جبلية تم تشييدها بل نحتها قبل
ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد ، وهي اليوم عرضة للزوال بسبب الامطار وعوامل التعرية ، بل وهناك من ينزع احجارها من قبل المواطنين للبناء .
في هولندا اذا تبين ان عمر المنزل الذي تسكن به يزيد عمره عن ٨٠ سنة فانه يسجل كاثر ولا يمكن تغيير معالمه او هدمه ، بينما ديار يافع شيدت بعضها قبل ٧٠٠ سنة ولا زالت شامخة وما تحتاجه هو فقط بعض الاسمنت لتتماسك احجارها بسبب انحسار الطين ليبقى الدار والحصن كشاهد على فن المعمار وحذق وخبرة حرفي البناء اليافعي .
بل ان علينا ان نلتفت وباهتمام الى مدينة ( شبام ) التي بنت اول ناطحات سحاب في العالم ومن الطين في الصحراء ، وهذه الناطحات الطينية تعرضت بعضها لاضرار وتولت المانيا ترميمها ولا تحتاج بعض بيوتها التاريخية الا لبعض اللمسات الترميمية لتبقى شاهدة على عظمة الانسان الحضرمي وكيف طوع الطين والقش ليبني تلك الصروح الجميلة .
على انه من بين كل هذه الذكريات الاليمة
والمشاهدات لتعرض اثارنا التاريخية للاهمال والعبث ، الا ان هناك خبر سعيد وهو ان ( عيال بيت يحيى ) في الجربة - يافع - المفلحي - وبالتعاون والحث والدعم السخي من قبل الشيخ عبد الحكيم احمد المفلحي ، فلقد اعدنا ترميم -البيت الكبير -وهكذا يطلق عليه، وتم هد بعض جدرانه الضعيفة واعادة ترميمه دون احداث اي تشوهات في البناء القديم ليعود صالحا للسكن رغم ان عمره بحدود سبعة قرون . وبعد انجاز اعمال الترميم نال الجائزة التقديرية الشيخ عبد الحكيم المفلحي ويطلق عليها جائزة ( العُر )لدوره في الحفاظ على هذا الصرح التاريخي من الزوال ، وكانت اللجنة ومن اعضائها الدكتور والباحث علي صالح الخلاقي والمهندس فضل قاسم ابو سند ، وتم ترشيح الشيخ حكيم لنيل الجائزة التقديرية والتي تمنح سنويا للمبدعين والمتميزين من قبل أسرة مشايخ آل بن شيهون الكرام .