من لم يسعه الجنوب فلن تسعه الأرض ، وهذه حقيقة لا مراء فيها . قلت هذا وانا اتابع اخبار بعض المكونات التي ابت ان تعيد النظر بمواقفها ، رغم شرف الترحاب الذي يمنحه الجنوب لكل من يعود الى سرب الوطن .
ولقد تابعت من ذهبوا الى المملكة ومن التأم جمعهم في القاهرة وتبين ان لديهم بعض المشاريع ، التي ليست في وعي اي مواطن جنوبي فتعجبت من هذا العنت والاصرار على الاختلاف مع الوعي الجمعي مع ان مؤتمر الحوار الجنوبي اعلنها وبالخط العريض ان لا استثناء لاحد وان لا نقصي او نخون احد ، وهذا ضمن ميثاقه الوطني .
اذن الأمور اوضح من الشمس في رابعة النهار فليس هناك ما يبرر هذا التردد ، على ان مواسم الجنوب القادمة هي الخصبة ومواسم من اسرفوا على انفسهم هي السراب .
والحقيقة فان ما إستنبطه الجنوبيون من حلول عبرالحوارات المستدامة متسلحين بالذوق وادب الطرح وسرد الحقائق وتغليب الرشد قد اثمر ، فالتأم الجميع في لقاء تاريخي تصالحي في عدن ، وهذا الحدث العظيم من الملهمات التي على كل دول ان تقتدي به سواءً عربية او دول العالم الثالث التي تعاني من خلافات تهدد مستقبلها وصيرورتها .
وبالامس اكتملت الصورة في المكلا وتحقق الاجماع بل وبرزت ملامح الجنوب جلية ساطعة وتبين الدرب الذي نحن اليوم نمضي عليه بكل ثقة وشموخ وعزيمة وثبات .
اذن لم يبقَ لدى من غردوا خارج السرب الا ّالعودة لوطنهم الذي اشرع قلبه لهم وطالما وان الحوار سيبقى مفتوحا وان لا اتهامات ولا تخوينات ولا اقصاء فستبقى الابواب مشرعة والعقول حاضرة للحوار الايجابي المخلص ، وذلك بغية رص الصفوف للعودة لخدمة الوطن الذي يحتاج الجميع ولن يستثني اي أحد .
ومن نافلة القول ان هناك من تشده نوازع تقصيه او تؤثر عليه ليبقى بعيداً ، ونقول ان كل شيء سيتغير وفي القريب ، وفرصة التضامن اليوم تلوح فلا تفرطوا بها فمواسم الجنوب اليوم تعلن فصولها الخصبة حافلةً بالانتصارات والتضامنات والثقة والرُشد ، وما شهدناه في المكلا يعبر عن اجماع وطني غير مسبوق ، وعلينا جميعا ان نركب سفينة الوطن حتى لا نغرق في طوفان الوهم .
وفي اعتقادي فقد تعلمت الشعوب اليوم من ايجابيات بل ملهمات الحوار الجنوبي - الجنوبي ، وتستلهم هذه التجربة الفريدة في لم الشمل والابتعاد عن التصنيف وسرد الاتهامات ونبذ لغة التخوين والاقصاء ، وفي يقيني ان الجنوب هنا يقدم تجربة عظيمة تسعف الشعوب التي مزقتها الخلافات وفتكت بها الاقصاءآت والتخوينات .
صحيح ان الجنوب ليست له تجربة سياسية تاريخية سابقة ولكن ما اجترحه من مبادرات وما استنبطه من حلول لدليل على نضج سياسي ملهم ووعي سبق دول كثيرة .
وكلمة اخيرة فان الوطن يناشد هولاء الذين
انجبهم الجنوب وحملوا ذكرياته وملامحه
وجيناته الوراثية ، وغادروا مشهد التضامن في ان عليهم ان يعودوا الى حضن الجنوب فلن تسعهم الدنيا اذا ضاق بهم قلب الوطن الحبيب .واخيرا اذكرهم ان لا تغريهم اي اغراءآت عن الوطن فهو المهد والشرف والملاذ والحب ولن اقول .
اذا المرء فاتتهُ المحبةُ يافعاً
فمطلبها كهلاً عليه شديدُ