القيادات الجنوبية الهرمة وخطاب الكراهية

2023-05-31 11:11


خطاب الكراهية بين الجنوبيين إلى أين ؟؟!!
خطاب الكراهية بين الجنوبيين يزداد حدة كل يوم يصاحب ذلك الخطاب الهدام الكثير من التشرذم والانقسامات الجنوبية وتفتح في ظل هذه الفوضى العديد من الدكاكين والمشاريع السياسية الصغيرة التي ترفع رايات مضللة وهي في الواقع مشاريع مشبوهة تتبع جهات خارجية ..ومع الأسف الشديد يروج لها العديد من القيادات الجنوبية الهرمة، وهذا لا يصب في صالح الجنوب، وهذا هو العيب والعار !!
والأمر الآخر المحزن هو عدم قدرة القيادات الجنوبية الأخرى على الاتفاق على استعادة وتحرير الوطن والمواطن وكل هذا بسبب الصراع على السلطة والمال بنفس قبلي جهوي عنصري .. رافضين اي اتفاق وحوار مع الآخرين تحت شعار التصالح والتسامح .
الجنوبيون عندما نالوا الاستقلال لم يدركوا حينذاك إن لديهم وطن رائع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، تتوفر فيه كل مقومات الدولة الناشئة المترامية الأطراف ، من حيث المساحة الكبيرة وقلة السكان ،والثروات النفطية ،والغازية والمعدنية، والبحار المليئة بالثروات السمكية ،والموانئ الدولية الهامة، ويأتي في طليعتها ميناء عدن الاستراتيجي، الذي يقع على ملتقى الشرق والغرب ..كما تطل موانئ المكلا وبير علي ونشطون ،على بحر العرب . لم يدركوا أن لديهم رأسمال بشري يبني الاقتصاد من العدم في طليعته الرجال الحضارم الذين يتمتعون بعقليات تجارية فذة ويحولون التراب إلى ذهب بمهارتهم وحسهم التجاري الفذ وفي الجانب الآخر يكمل المشهد رجال شجعان لحماية الدولة الواحدة من شبوه والمهره وأبين ولحج والضالع ...أما عدن التي سبقت سائر مناطق الجنوب الأخرى علما وحضارة ورقيا ومدنية فتلك مميزات أخرى !!
لم يدرك الجنوبيون أنهم بعد خروج بريطانيا قد ورثوا عنها أفضل الأنظمة الإدارية في الشرق الأوسط !!
فماذا فعلوا بها و بوطنهم وأبناء جلدتهم عندما نالوا الاستقلال ؟؟؟ لقد قامت الجبهة القومية بإقصاء كل الطيف السياسي الجنوبي وانتهج وريثها : (الحزب الاشتراكي اليمني ) الماركسية ، ومارس أعمال القتل العلني ،ضد المواطنين، وأمموا الأراضي الزراعية والمساكن، وانتهجوا التطرف والتبعية في السياسة الخارجية، وأدمنوا الصراعات الداخلية واغتيال رفاقهم.. فدمرتهم نظرتهم القصيرة المدى ودمرت الجنوب وسلموه لقمة سائغة لقوى التخلف والظلام في اليمن !!
واليوم نسأل : هل سيكرر أبناء الجنوب نفس الخطأ والخطيئة ولم يعتبروا وهل لا زالوا يتمسكون بالمناطقية والقبلية والتطرف وان بصور أخرى...؟؟
وهل التجاذبات والصراعات على الوظائف وعلى المصالح تبني الأوطان ؟؟!!
واقع الحال يقول أنهم أصبحوا يعملون بالأجرة شقاة حفاة لدى الغير وقد أضاعوا التصور الاستراتيجي لبناء وطن كبير فيه كل إمكانيات الخير والتقدم. ومن المفارقات العجيبة إن غالبية القوى السياسية في الجنوب تتفق على استعادة الدولة والوطن الجنوبي بحدود ما قبل عام 1990م ومع ذلك لا زالوا أسرى الماضي الدامي ولا زالت عقلياتهم جاهلية عمياء تستجر أحقاد وصراعات الماضي !!
ولكن هل سأل أي جنوبي نفسه : لماذا الشماليون بمختلف أطيافهم السياسية اليسارية واليمينية والدينية والطائفية والعسكرية والقبلية يتوحدون أمام الجنوب ..واعتباره جزء لا يتجزأ من ممتلكاتهم رغم خلافاتهم وتبايناتهم إلا أنهم سرعان ما يتركونها من اجل أن يبقى الجنوب تحت إدارتهم ووصايتهم ؟؟!!
بينما واقع الحال أن الجنوبيين تاريخيا لم يخضعوا لبعضهم بعضا
كما أنهم لا زالوا أسرى الماضي ويستجرون خلافاته وأحقاده ولم يتفقوا على بناء وحدة وطنية حقيقية تضمن استعادة دولة الجنوب ولا زالوا مسكونين بشعارات :
الثورة والرجعية والثورة المضادة والعمالة واليمين واليسار والطغمة والزمرة وأصحاب الفيدرالية وجنوب عربي الخ .. كل تلك الأمور ما هي إلا عناوين وشماعات تخفي تحت عباءتها نزغ وأطماع الذات الجنوبية للوصول إلى السلطة ولم نتعلم من دروس الماضي رغم ما مر علينا من تجارب حيث يشهر كل طرف سلاحه في وجه الآخر عند أول خلاف!!
ما أشبه الليلة بالبارحة إنهم يكررون نفس الأخطاء القاتلة و ليس لديهم الصبر وصدق الإخوة الحقيقية ولا يمتلكون غير الخداع والعقلية التآمرية ضد بعضهم البعض !!
إنني أدعو كل أبناء الجنوب من على هذا المنبر الحر أن يعودوا إلى رشدهم ويحكموا عقولهم فالوطن يتسع للجميع وهو بحاجة إلى بناء جيش واحد وامن واحد وإدارة واعية وبرجال نظرتهم صادقة للوطن وطموحاتهم بحجم هذا الوطن !!
والسؤال الذي يطرح نفسه علينا هو: أين كنا ..وأين أصبحنا؟؟ عشية الاستقلال الدينار كان يساوي 2.13281 غرام من الذهب الصافي. وهذا يساوي بعملة اليوم .... 83.18 دولار ويساوي .... 83.18x 520 = 43235 ريال يمني راتب موظف أي أن موظف اليوم يحصل على دينار جنوبي بعملة 1967 فأي انهيار هذا للعملة والقيم الإنسانية!!!
والسؤال المطروح هو : كيف نتجاوز تلك الانتكاسات ؟؟
إن استعادة العملة الوطنية لبعض ما فقدته لن يكون إلا بعد توقف الحرب وعودة حركة الاستثمار وتدفق العملات الأجنبية وتدفق المساعدات والقروض وتصدير النفط والغاز !!
علينا نبذ الخلافات وبناء أجهزة الدولة بناءا مهنيا وليس مناطقيا قبليا فذلك فيه كل الشر على الجنوب حاضرا ومستقبلا. البلاد اليوم ممزقة بين عدة جيوش وقوات وإدارات وتعج بالقتله والمجرمين وبعديمي الكفاءة والمؤهلات.. اللهم إلا لأنهم ينتمون لهذا الطرف أو ذاك. فهل آن الأوان لوقف هذا العبث ؟؟؟


*- د . علوي عمر بن فريد… مؤرخ وكاتب سياسي