الذي يجهل السودان هم ليس دول الغرب بل الدول العربية الشقيقة ! والذين فرطوا به طوال ازمنة طويلة وتركوه يحارب لوحده للحفاظ على جنوبه الثري . ترك العرب السودان دون اي دعم يذكر ، وبعد ٥٠ عاما من الحرب الاهلية وفناء مليون مواطن سوداني رضخت حكومة السودان ، وقبلت بانفصال جنوبها .
انسلخت في يوم مشؤوم عن السودان مساحة ٦٢٠ الف كيلومتر من ارض هي من اخصب اراضي العالم ، ترويها ٧ انهر مع امطار غزيرة ، وتكتنز ارض الجنوب ثروات النفط واليورانيوم والنحاس والذهب والغابات .سلم الشمال السوداني ولكن تحت الرقابة والرصد فالسودان لن تنجو من المرهقات .
ومقارنة بين السودان والعالم العربي فأن كل مساحات العالم العربي الزراعية فقيرة في خصوبتها وليست نهرية - فانهارها غارت - بل وليست كل الدول العربية ممطرة وليست غنية بالمياه الجوفية ، بينما ارض السودان تصل مساحتها الحالية الى ١،٨٦٠ مليون وثمانمئة وستين كيلو متر . تعبرها وترويها الانهار السبعة ، بمساحة زراعية تقدر ب٤١ مليون فدان - الفدان يساوي ٤٢٠٠ متر مربع - وتهطل على ارض السودان الامطار لاشهر طويلة في العام .
كما ان السودان بلاد الثروة الحيوانية بما يقدر ١٠٠ مليون رأس ماشية ،وهناك ثروات عميمة ومنها خام الذهب واليورانيوم وكذلك النحاس وثروات نفطية غير مكتشفة بحرا وبرا ،ويقال ان صحراء السودان تحتوي رمالها على اعظم مخزون في العالم من خام النحاس .
هل تلاحظون تواجد الغربيون في السودان ? فهم هناك منذ اكثر من ١٠٠ سنة
وتواجدهم يعبر عن مصالح اقتصادية مهمة وعميمة ، على ان الغرب لا يتولى تنمية الشعوب الفقيرة بل نهبها، لذلك فان تخليق الصراعات هي الوسيلة المثلى لاستمرار السلب والنهب دون رقيب او حسيب .
هناك من يقول ان العالم العربي عجز عن اصلاح حال السودان ! والحقيقة فان العرب لم تحاول انتشال السودان من مأساته ، ولا يبرر في ان تجد السودان اليوم نفسها في خضم حرب جديدة ليس للشعب فيها لا ناقة ولا جمل .
على ان الحرب التي تدور اليوم ، هي بين جيشين سودانيين ومن عجائب الزمن فلكل دولة جيش الا في السودان ،ولهذا فلم تتدارك السودان نفسها الا بعد ان كشرت قوات جيش الدعم السريع عن انيابها .
يقال ان جبل عامر الذي تشكل ٥٪ من وزن حجارته من الذهب هو الذي جعل اللواء - دقلو - يقف مواقفه المتشدد امام دمج جيشه مع الجيش الوطني ، وهناك من تحدث ان قوات الدعم السريع كانت قاب قوسين او ادنى من السيطرة ، بسبب توحش جنودها وما تمتلكه هذه القوات من جيش بلغ عديدة ١٠٠ الف مقاتل مع امكانيات مالية مذهلة .
من اين اتت هذه الاموال لقوات الدعم السريع ؟ والحقيقة فان -جبل عامر -يشهد على ذلك، فهذا الجبل شكل من اهم مداخيل الجيش بتعدين الذهب وبيعه حيث كان تصدره قوات الدعم السريع عبر وسطاء ، فلا ترى هذه الكنوز البنوك او وزارة المالية السودانية بل تذهب لحسابات سرية في دول العالم .
كل هذا يثبت لنا ان الغرب هو الذي إستفاد من قوات الدعم السريع وان الغرب ساهم في كل معاناة السودان ، وما وجود اكثر من ٣٥ منظمة اغاثية وانسانية وتنموية الا دليل الفيد! ، وهذه المنظمات لا تعمل الا وفق اجندة واحدة ،وهي جعل السودان يعيش ويلاته وخلافاته .
ولا عجب في ذلك فالغرب هو الذي دعم وساند انفصال الجنوب السوداني وهو الذي يسعى اليوم لتمزيق السودان الى دويلات واهمها منطقة دارفور الغنية بكل الثروات .
الاعجب ان العالم العربي ترك السودان تعيث فيها الويلات من حروب وفقر وهو الشعب الشقيق والعريق بينما اموال العالم العربي قادرة وخلال عقود ان تحول السودان الى دولة رفاة . هل ارزاق العرب ممحوقة ؟ والحقيقة ليس ارزاقهم ممحوقة فحسب بل وعقولهم .