العرف القبلي هو الدستور المنظم للعلاقات القبلية وهو القانون الذي يفصل بموجبه القاضي أو (الشيخ) في القضايا القبلية داخل القبيلة وخارجها.
وهذه القوانين متوارثة ومحافظ عليها وتتمتع باحترام وقبول مجتمعي كبير، وتختلف من منطقة إلى أخرى في بعض الجزيئات الفرعية فمنها التشديد ومنها التسهيل وفقاً للمتوارث في القبيلة.
هذه الأعراف بعضها مخالف الشريعة الإسلامية وتستمد ديمومتها من تمسك القبيلة بها منذ العصور الجاهلية القديمة رغم معرفتهم بتلك المخالفة الشرعية.
في مجتمعنا اليوم وفي ظل انهيار الدولة وتدهور المؤسسات القانونية وأجهزة القضاء، عاد المجتمع إلى الاحتكام للاعراف القبلية للفصل في جميع القضايا كبيرها وصغيرها وأصبحت الأعراف هي القانون الفاصل الذي يرتضيه المدعي والمدعى عليه وغالباً مايتم القبول بالحكم كيفما كان، وفي النادر تجد ان المتظلم يطلب الـ (مسايرة) إلى شيخ أو مرجع آخر للنظر في الحكم وتصديقه أو نقضه.
لكن تلك الأعراف بما فيها من محاسن في حل القصايا لها مساوئ ايضاً من حيث الاجحاف في الأحكام العرفية ورفع القيمة النقدية في بعضها إلى مبالغ تعجيزية لا يمكن تنفيذها والوفاء بها وذلك يعود إلى الحاكم نفسه سوا كان المُعتدى عليه (إذا تم تحكيمه صُبُر) أو حاكم قبلي من خارج القبيلة متفق عليه بين الغرماء.
في الماضي كانت الأحكام العرفية في مجملها اعتبارية الا في القضايا الكبيرة (قضايا الدم والشرف) لكنها أخف مما هي عليه اليوم.
في محافظة شبوة تكاد تكون الأعراف القبلية متشابهة في اغلبها الا ما طرأ عليها وشوهها من عدوى مستوردة من بعض الأعراف لدى قبائل الشمال، وهذا الاستيراد أثر وأضر بالأعراف السائدة في شبوة.
مثلاً عرف حكم (اللوم في الدم) الذي كان شبه منعدم عند قبائل شبوة الا في قضايا محدودة.
نجد الآن حكم (اللوم) يتعدى حكم الدية في العرف القبلي بأضعاف وهذا فيه مخالفة للاعراف القبلية في شبوة ومنافي لشرع الله الذي يحرِّمه اجمالاً.
ومن خلال إلقاء نظرة سريعة على مجمل الأحكام المستندة للأعراف القبلية في شبوة، نرى فيها خللا كبيراً بسبب ما استورد من عادات واعراف دخيلة تم جلبها من قبائل الشمال ومنها (حكم اللوم) ومسمياته الكثيرة.
ويجب على مشائخ شبوة وشخصياتها الاجتماعية إعادة النظر في تلك الأحكام ووضع سقف معين لا تتجاوزه اذا حُكِم بها، ويجب العودة إلى اعرافنا وتقاليدنا القبلية ونبذ كل عرف دخيل على شبوة.
هناك خلل كبير في الأحكام العرفية لابد من إصلاحه وإلا سيولد لنا عُرف هجين لايمكن تطبيقه على واقعنا في شبوة مما يشكل خطر على النسيج الإجتماعي وتفاقم المشاكل خوفاً من الأحكام الجائرة.
هذه دعوة لمراجعة أحكام العرف القبلي قبل أن يرفضها المجتمع ويتمرد عليها مما يسبب مشاكل وكوارث يصعب حلها.
عبدالله سعيد القروة
٢٨ ديسمبر ٢٠٢٢