غني عن القول إن الجنوب العربي مر بمراحل عنيفة من الصراعات والتحولات والمؤامرات والخيانات والكبوات بفعل غفلة أبناءه والتيارات القوية التي تحدث في العالم وتلقي بتبعاتها على هذا الصقع التعيس من ارض العرب الذي قدره أن يكون (كاسر أمواج) لأمن واستقرار دول وشعوب الجزيرة ومصر والقرن الأفريقي وشرق أفريقيا.
ورغم دوره الجيوسياسي للإسهام في استقرار محيطه العربي لكن يظل العرب دوما في موقع المتنكر لهذا البلد العربي لاعتبارات متعددة أهمها العمق الحضاري والتاريخي والإنساني للجنوب العربي والموقع الجيوسياسي العظيم الذي تتصارع عليه الدول والشعوب ليس منذ العصر الحديث وانما مذ عهود اليبوسيين (الشعوب السبعة) وحتى عهد عصابات اليمن الشقيق التي مابرحت تعبث بالشعب العربي في الهضبة السعيدة العربية (اليمن السياسي) مذ عهود المعانيين السومريين في عودتهم الثانية للجزيرة قادمين من جنوب تركيا وتاسيسهم مملكة معين في الجوف على أطراف مملكة حضرموت الكبرى مستغلين لحظة ضعف وانقسامات داخلية في المملكة.
وهكذا هم العرب الجنوبيون لايمكن اختراقهم الا بتفريق صفهم وزرع الخلافات الداخلية بينهم وتأتي التسميات من أهم زرع الخلافات.
فكما الاحفاد اختاروا احتكار تسمية الجهوية (اليمانية) لهم فقد انتحل اجدادهم الغزاة تسمية (السبئيين) بعد احتلالهم ارض سبأ العرب القحطانية وهي تسمية ألقت بظلالها حتى اللحظة الراهنة مثل ( تسمية اليمن) التي اختارها احفاد المعانيين السومريين والاحباش والفرس والدونمة من بقايا الترك كهوية مثيرة للانقسامات والنزاعات في العصر الحديث.
ان وجود دولة مستقلة بهويتها العربية الجنوبية قد تامر عليها العرب مع اقتراب موعد استقلال الجنوب العربي 1968م.. وتعرضوا لأكبر نكبة عام1967 لكن عطلوا استقلاله بتزييف هويته وصرف مساره التاريخي والإنساني وانهاكه باستدامة الحروب والصراعات والزج به مع شعب تشكل في أغلبه من شعوبيين استوطنوا هضبة العرب السعيدة التي أخذت هوية الجهوية اليمانية مذ عام1930م هوية سياسية ووطنية لها.
وهكذا التاريخ يرشدنا أن هذا الجنوب العربي عصيا على الذوبان واكبر من أن تبتلعه عصابات متنفذه تمارس الفساد والارهاب والعمالة على حساب الشعبين في الجنوب وفي اليمن وكما انتحرت المؤامرات السابقة على حدوده فإن مصير أصحاب المؤامرة الجديدة لا أراه بعيدا أو مختلفا عما حدث لأمثالهم في نهاية ستينات القرن الماضي وبكل يقين ستفشل كل الخطط التي يتم طبخها في دهاليز الغدر والمكر وهل يحيط المكر إلا بأهله وان غدا لناظره قريب.
الباحث/ علي محمد السليماني
18ديسمبر2022