أصدر مجلس الدفاع اليمني السبت القرار رقم واحد، بتصنيف الح وثي منظمة إرهابية “وفقاً لقانون الجرائم والعقوبات ، والإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والإتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المصادق عليها من قبل الجمهورية اليمنية”.
بهكذا قرار قلب مجلس الرئاسة الطاولة في وجه الجميع، بعد أن وصل إلى قناعة متأخرة، بأن هذه الجماعة لا يمكن إن تختط طريقاً مغايراً لنهج العنف والدمار ، وأنها لا تؤمن بالتفاوض والمسارات السياسية، والحلول التوافقية الوسط.
لهذا القرار تبعات ميدانية عسكرية وسياسية وقانونية وإقتصادية ، لا يمكن أن يُتخذ دون أن يجري “الرئاسي “ مشاورات مكثفة ،ويحظى بالضوء الأخضر من الإقليم والدول الراعية للتسوية، وعواصم القرار الدولي ، حيث يترتب على هذا التصنيف وقف المساعدات وإغلاق قنوات الحوار ، وتعطيل إجراء اللقاءات أو إبرام الصفقات وتجريم أياً من أشكال التواصل.
هذا القرار الرئاسي يمضي في حقل شائك من التعقيدات والأسئلة المصيرية الحاسمة، تتصل جميعها بمصير إتفاق “ستوكهولم”، ومخرجات الهدنة الأولى والثانية ،وفتح المطار والموانئ وتدفقات سفن الوقود ، والأثمان المدفوعة مقابل جهود خفض التصعيد والتسوية ومجمل الحرب والسلام.
أرتكب الحوثي حماقة كبرى بإستهداف منشآت النفط والغاز ، نسف كل الجهود ، قطع الجسور وأعاد الجميع إلى خيار وحيد لا ثانٍ له ، خيار الحرب.
“الرئاسي” يدرك يقيناً أن هذا القرار قرار تصنيف الح وثي منظمة إرهابية ، يتعدى قدراته السياسية والعسكرية وأنه من دون تنسيق المواقف مع داعميه الإقليميين واللاعبين الرئيسيين الدوليين ، سيكون بمثابة قفزة بلا مظلة حماية آمنة في المجهول ،حيث الوضع العسكري المهلهل، وغياب العقيدة القتالية وإختلالات موازين القوى لغير صالح الشرعية ،والصراعات البينية وتركيبة الجيش العقائدي مادون الوطني وتحزيبه ، كل هذا يوفر للح وثي فرصة إضافية لإستكمال التمدد، وإبتلاع المزيد من الأرض ، ونقل ثقل المعركة جنوباً ،حيث النفط والغاز وشبكة المصالح الدولية ، وعقدة المواصلات وممرات ثلثي التجارة العالمية.
علينا أن نفترض أن “الرئاسي” تخطى مرحلة النزق والإنجرار لردود فعل غاضبة إبنة لحظتها ، وأن قرار تصنيف الح وثي منظمة إرهابية، جاء كنتاج لمشاورات معمقة وحسابات دقيقة، وخطط عسكرية مسبقة مدروسة، وغطاء سياسي دبلوماسي دولي، ما لم يكن الأمر كذلك ومتسقاً مع هذا الإفتراض ،فإن تقديرات الموقف ، ستذهب بعيداً على الضد من الغايات المرجوة من عزل الح وثي، ونبذه من قبل المجتمع الدولي، وسترتد السهام بصورة كارثية على مصدري القرار .
وعلى خلفية المضي بهذا القرار لايمكن أن تسمي الح وثي إرهابياً وتفاوضه كما هو جار الآن ، أن تسعى لمحاربته في ظل سياسة سعودية إنعزالية حيال ما يجري في اليمن ، ومقدمات توحي بالإنسحاب والتفاوض المباشر معه ، لا يمكن أن تسعى لتضييق الخناق عليه وعزله، وكل القنوات مفتوحة والمشاورات جارية بوتيرة عالية معه، من قبل رعاة التسوية وحتى أطراف الصراع كالسعودية والإمارات ووفد التفاوض الشرعي.
هذا القرار بحاجة لترسانة قوانيين وحيوية في السياسة الخارجية الميتة ، وحشد للدبلوماسية الدولية في صفه ، ما لم يكن ذلك حاضراً سياسة ومجهوداً عسكرياً وقرارت دولية داعمة ،فإننا نكون أمام قراءة متشائمة لما بعد هذا القرار ، حيث الحرب بأدوات العجز مضاف لها غياب التوافق، وإحتمال إنعدام غطاء التحالف، لايمكن أن يطرح نتائجاً مغايرة أويصنع نصراً.
هذا قرار لا رجعة فيه ،هو أكبر من شطحة او غضب أو رغبة في تسجيل موقف.
ما بعد القرار:
أما أن يستأصل الإرهاب الحاكم في صنعاء أو ينقل الحرب جنوباً.