تذكر نائب رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي الاكاديمي الجنوبي د.جواد حسن مكاوي، بعض أحداث الاجتياح الأول.
وروى بالقول: "٧/ يوليو / عام ١٩٩٤م يوم اجتياح المحتل الأرض الجنوبية بكامل أسلحتهم الدبابات والاطقم والعربات المصفحة والجنود.. أتذكر ذلك اليوم صباحاً جاء أحد الضباط الشماليين إلينا حيث كنا واقفين مجموعة من أعيان مدينة عدن بجانب المحكمة الإبتدائية بدون أسلحة وكان بجانبي أخي الكبير محمد حسن مكاوي وابن خالي العميد بيومي مراد حسن والاخ شيخ زين العيدروس وآخرين.. فقال لنا الضابط بكل أدب".
وأضاف: "أنتم أعيان عدن ونحن متواجدين في كل مكان ونطلب منكم تسليم المدينة بهدوء ودون قتال.. قلنا له عدن (مديرية صيرة) صغيرة ولا تحتمل كل تلك الأسلحة ونحن بدورنا نطلب منكم إعطاء الأمان والسلامة لبيوتنا وشبابنا .. قال كل واحد معاه سلاح شخصي يحتفظ به في منزله ولا يخرج به للشارع ولا نريد مقاومة .. فقلنا اتفضلوا.. وعند رجوعه إلى قواته التي كانت تشاهد الموقف عن بعد قلت له .. أنا وأخي نريد نطمئن على منزلنا في المنصورة هل ممكن تعطي توجيهاتك للسماح لنا بالمرور بسيارتنا .. قال من حق كل مواطن أن يتحرك إلى أي منطقة وفي أي وقت شاء لن يعترضه أحد .. وفعلاً تحركنا بسيارتنا ومرينا بالقوات الشمالية التي كانت واقفة عند جولة العاقل وشاهدنا جنودهم تركوا الدبابات والاطقم والعربات المصفحة ودخلوا البحر يتسبحوا وملابسهم العسكرية معلقة فوق دباباتهم والاحدية .. فوقفنا بجانب الدبابة لنتأكد هل الذي نشاهده حقيقة ؟ وإلا خيال !!! فشاوروا بأيديهم لنا من بعيد .. وقال أحدهم بصوت عالي .. الماء حالي يا أهل عدن .. شاورنا لهم بمقبض اليد والإبهام مفتوحة (تمام)".
وتابع: "ومرينا من خورمكسر إلى المنصورة دون أن يوقفنا أحد حتى وصلنا هدفنا وأطمنينا على منزلنا في المنصورة ورجعنا إلى كريتر بنفس اليوم".
ويعود المكاوي للحديث عن انطلاق الثورة السلمية الجنوبية قائلا: "في ٧ / يوليو / ٢٠٠٧ انتفض شعب الجنوب الأبي وحول بقوته القوية من نكسة يوليو إلى يوم إنطلاق الثورة الحراكية الجنوبية السلمية الذي فيها قدم الجنوب قوافل الشهداء والجرحى والمعتقلين السياسيين والمختفيين قسراً من شبابنا وحرائر الجنوب دفاعاً عن الأرض والعرض ودارت معارك ضارية في كل الشوارع والطرقات ولم يقبلوا إلا بسقوط عفاش ورموزه".
وأضاف: "واليوم من اجتاحوا الجنوب في ٧ / ٧ / ١٩٩٤ أصبحوا مشردين في بقاع الأرض .. وامسى أبطال الجنوب تسرح وتمرح على أرضها بكل حرية وترحاب بين أهلهم وذويهم".
وختم المكاوي روايته بالقول: "فلنسجل اليوم للتاريخ والأجيال القادمة أن الإحتلال العفاشي من أبشع أنواع الإحتلال فقد دمر الجنوب تدميراً ممنهجا ليتخلف عن الركب العالمي بخمسين عاماً.. في تلك الفترة كانت أكثر ظلاما وقهرا وفيها وجد الجنوبيون ولأول مرة أنفسهم في مواجهة التحديات العصيبة من الإذلال والانكسار والقهر لم يكونوا يتوقعونها ولها تأثيرها إلى هذه اللحظة.. مرحلة مأساوية كارثية مؤلمة بكل ما تحمله من مفاهيم علمية.. نشيد بكل الأبطال الجنوبيين والذين كانوا جداراً منيعا وضحوا بالغالي والنفيس من تراب الوطن والهوية الجنوبية والتاريخ العريق الذي يعرفه الجميع دون استثناء.. نترحم على أبطالنا الشهداء ويسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة.. والشفاء العاجل للجرحى والحرية والكرامة للوطن".