مع الإخوان المسلمين «مش حتقدر تغمض عينيك وتغلق أذنيك» فالرحلة معهم دنيا من العجائب وعالم من الإثارة والمتعة والخيانة والخيال، الإخوان المسلمون يتسللون إلى الدولة من نوافذ وأبواب عديدة، مرة من باب الديموقراطية ومرة من شباك الشرع والدين وأحياناً من باب حماية الدستور، ومرات من شرفة الدفاع عن الحريات والمكتسبات، ومرات كثيرة من أبواب العمل الخيري والتطوعي، أحياناً بجانب الحكومة على الكرسي وأحياناً ضدها في الشارع، على رأي الزعيم بهجت الأباصيري «شوي مع دول وشوي مع دول»، نائب مع طرح الثقة ونائب ضد طرح الثقة (فهمت كيف)؟! يصوتون بالباركود ضد الرئيس في انتخابات رئاسة المجلس ثم يباركون فوز الرئيس في الغرف المغلقة، يتبادلون الأدوار باحتراف وانتهازية، يرفضون حقوق المرأة السياسية لكنهم أول من يستغل صوتها وخدماتها في الانتخابات، يتذاكون لكنهم لا يخدعون إلا أنفسهم، البعض يفسر حركاتهم بأنها سياسة وفراسة، والبعض الآخر يعتبرها مكراً وخسة، ولاؤهم للمرشد والتنظيم ويرفعون شعار الوطنية وحب الوطن، يرفضون غزو بلدهم لكنهم ضد تحريرها من التحالف الأممي، يرددون خطاب الفضيلة لكن ممارسات بعضهم تتسم بالرذيلة، يحضرون الجلسات غير الدستورية ويعتصمون في المجلس دفاعاً عن الدستور، يصوتون مع الحكومة ويقفون ضدها في نفس الوقت والموقف والقضية، ولا تسأل كيف ولماذا وما السبب، لا تستغرب أو تمط شفتيك فأحياناً إذا وضعت بعض قياداتهم في الخلاط فمن المحتمل أن يكون الناتج سياسياً وطنياً، وأحياناً أخرى على النقيض من ذلك إذا وضعت البعض الآخر من القيادات وخلطتهم جميعاً فمن المحتمل أيضاً أن يكون الناتج سياسيا بالضدّ تمامًا، فالمعايير مختلفة والضوابط مطاطة والمبادئ تتجزأ إلى مربعات ومكعبات ومثلثات وتقبل القسمة في كل وقت وقضية، فالمهم المصلحة والهدف. ألم يكن دستورهم الغاية تبرر الوسيلة والضرورات تبيح المحظورات؟، إلا أنه ما من عجب وغرابة ففي الوقت الذي يعتبرهم الأشقاء في الخليج تنظيماً إرهابياً محظوراً - حتى من كان يحتضنهم تخلى عنهم - نجد أن جماعتنا في الأدوار العليا يمنحونهم الوزارات والعقود والمناقصات والمدارس الخاصة والجامعات، وذلك على الرغم من ارتكابهم كل تلك الموبقات والتناقضات والخيانات، فالعلاقة بين الإخوان والحكومات لا يمكن فهم سرها أو فك شفرتها، والأدهى من ذلك حتى سياسيينا خاصة ممن يطلقون عليهم الرموز والضمائر والفرسان، يخشون ويخافون من نقد تصرفات وأفعال الإخوان في العلن كما يفعلون على المنابر في نقدهم للحكومة، مما يطرح إشكالية من جهة أنهم ليسوا أصحاب قضية أو مبدأ، فالإصلاح يتطلب المصارحة والمكاشفة مع الرفاق، ومن جهة أخرى يكشف مدى تغلغل وسيطرة الإخوان على مفاصل الدولة ومقدراتها.
بسام العسعوسي