لا شك أن إعلان حُكام الإمارات تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة، هو الحدث السياسي الأكثر أهمية على كافة الأصعدة الإقليمية والدولية. فالرجل الذي عرفه العالم قائداً سياسياً مؤثراً، ها هو يتسلم القيادة السياسية في بلد عُرفت سياساته بالديناميكة والقدرة على التأثير، وهو الشخصية القيادية التي صنفت أنها الأقوى في الشرق الأوسط وواحدة من أهم عشر شخصيات مؤثرة في العالم.
الشخصية القيادية التي صنعت واقع السياسة في المنطقة ليست بشخصية عادية، بل هي الاستثناء منذ سنوات بعيدة. فلم يكن ظهوره العلني الأول في طلائع قوات التحالف الدولي مع تحرير دولة الكويت عام 1991 غير اللحظة الأولى التي كشفت عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد العسكري الميداني.
ولعل ارتباط سموه بالعمل الميداني هو الذي أعطاه القدرة الأكثر واقعية. فهو كامتداد لوالده المؤسس، عاش مع الناس ومع الأرض فكانت سياساته مبنية على الواقعية، وهذا ما تؤكده الحوادث والشواهد المتوالية في سياسات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فسياسات سموه تُبنى من الواقعية، بالإضافة إلى أنه يمتلك رؤية استشرافية متقدمة لطالما حققت لدولة الإمارات أولويات في السياسة والاقتصاد.
المؤكد أن موقف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تأييد ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013، كان لحظة الثبات والقوة والشجاعة، فهي لحظة فارقة بكل تقديرات الموقف سياسياً على مستقبل بلاده والمنطقة، تلك اللحظة التي تجلت فيها الصفات الحقيقية لكل البنية التحتية الإماراتية، والتي استند عليها الرجل لمعرفته بمدى التماسك الوطني لموقف سياسي سيغير من شكل الشرق الأوسط، فهذه الإحاطة الواقعية بما تمتلكه بلاده هي نقطة الارتكاز التي اعتمد عليها القرار الحاسم، والذي به تغيرت التوازنات ومن بعده حدثت التحولات.
عملت الإمارات من خلال رؤية استشرافية واضحة على سياسة التمكين وهي النهج الوطني الذي تكرست فيه الجهود على تدعيم المؤسسات الوطنية وفقاً لأعلى درجات المعايير الدولية، مما حقق بنية تحتية قوية كانت بالفعل استثماراً ناجحاً من خلال اختبارها في المحطات السياسية العصيبة، التي مرت على المنطقة العربية، ولعب فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان دوراً محورياً، استطاع فيه وأد المخطط الذي استهدف البلدان العربية فكانت إدارة المرحلة برغم اشتداد العواصف والمخاطر الحقيقية.
واحدة من أهم ظواهر دولة الإمارات هو ما انتهجه مؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان -طيب الله ثراه- وهي تحويل التحديات إلى فرص ممكنة، هذا امتياز من امتيازات البلاد الممتدة في خمسة عقود من الزمن، وعليه صنع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد من التحديات فرصاً غيرت وجه المنطقة. فلم تكن تلك الرياح المسمومة التي نفخت فيها جماعات الإسلام السياسي نيرانها الحارقة غير واحدة من أكبر التحديات الوجودية ليس للإمارات، بل للقيم والمبادئ قبل حدود الأوطان، كان تحدياً صعباً تحول بتعامل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد معه إلى فرصة لمواجهة الإرهاب وخطاب الكراهية.
التحدي الآخر كان اقتصادياً مع البدء الفعلي في تنويع مصادر الدخل والاستثمار الجاد في الفرص المواتية في الطاقة النظيفة واستحداث المشاريع الرائدة، التي وظفت في تكريس مكانة الإمارات كوطن باعث للابتكارات، وهو نهج سيذهب بالدولة إلى أن تكون دولة مصدرة للتكنولوجيا وواحدة من أهم الدول المتقدمة في إنتاج الذكاء الاصطناعي.
هذه التحديات عندما تتحول إلى فرص نجاح هي تأكيد على أن الزعامة للشرق الأوسط هي جزء من تأثيرات الشخصية القيادية التي يتمتع بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والذي تتطلع معه شعوب المنطقة إلى أفق واسع من نجاحات تعزز من مئوية إماراتية باهرة وأكثر ازدهاراً وثباتاً، فهذه أرض كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.