فى عدن الآن يعيش الناس فى شعبين منفصلين يسيران جنبا إلى جنب فى عالمين متوازيين. لكنهما أبدأ لا يلتقيان ..
الشعب الأول مكون من أناس عدنيين أصليين يحملون ختم التاريخ والحضارة ويشعون ثقافة وفنا وأدبا وهؤلاء هم المنحدرون من عائلات عدنية قديمة سواء أكانت غنية.. أرستقراطية أو حتى متوسطة الحال .والاغلبية فقيرة
لكنهم يتفقون فى السمات والطبائع فهم يعشقون الهدوء ويتيهون حبا فى البحر أو الجزء المتبقى منة ويقدرون الجمال فى العمارة القديمة والحواري وزغاطيطها وخاصة وسط البلد القديمةالتكوين ..
ويشربون الشاهي الملبن والثريب فى مقاهي عدن العتيقة ويأكلون الخمير والعواف والمقصقص ويعشقون طعم الايس كريم أبو ملاي الذين كانوا يجوبون على عربات سياكل بيدل
هؤلاء كانت متعتهم القراءة والتمتع بالبحر وإقامة العلاقات الاجتماعية والإنسانية..هؤلاء كانوا شعب عدن الاصليين والذين إنقرضوا أو فى طريقهم للإنقراض والاحتراق والحسرة على ضياع مدينتهم الجميلة ذات المبانى العتيقة والشوارع النظيفة ..هؤلاء من بقوا بعد مغادرة الاغلبية المدينة الحزينة.
هؤلاء من يتحسرون يوميا على ضياع الاناقة وذهاب الكورنيش الى اصحاب المقاهى والشيش وغيرها من السموم
وانهيار العمارات والفيلات القديمة وضياع ملامح بندر عدن القديمة
وهؤلاء هم المتهمون انهم متعجرفون ..عنصريون ..من قبل الهولاك
أما الشعب الآخر فهم اللذين ملأوا شوارع المدينة ..هؤلاء القادمون من الاطراف وغيرها للعمل كمقاولين فى كار المعمار فبدلوا عمارة المدينة - بمساعدة بعض الفاسدين- من فيلات ومبان إلى عمارات قبيحة حتى فى الشوارع الضيقة ..
وقاموا بشراء وبسط الفيلات والقصور وهدموها ونشروا ثقافة القبح وبدلوا كل جميل إلى أشياء مادية ..عاونهم فى ذلك بعض القادمين من الارياف الذين زحفوا على المدينة
فتبدلت الوجوه وعلاها التجهم وإختفت الابتسامة وذهبت جملة نهارك سعيد وصباح الفل الى غيابات الجب وظهرت مصطلحات جديدة غريبة لتلائم سائقوا الميكروباص وراكبوا السياكل النار وإنتشرت العشوائيات وذهب الإحترام وإختلط الحابل بالنابل وأخذ هؤلاء يبحثون عن الربح السريع فإمتلأت الشوارع بالمقاهى التى تقدم الوجبات الغيرنظيفة بلا رقيب او حسيب
والسلاح بلا تصريح وان وجد التصاريح فهي لاطياف خاصة…
وبات الشعب الاول فى حيرة من أمره ..أين ذهبت مدينتهم الجميلة ..الراقية..النظيفة ..أين ذهبت مستشفياتهم واين ذهبت موانيهم وارزاقها وبالاخص يحرم عليهم قطعه ارض لهم ولاولادهم من ارضهم
هل رحلت مع من رحلوا من الأجانب؟
أم مازالت موجودة تحت أكوام القمامة التى تملأ الشوارع وتزكم الأنوف؟
هل هناك أمل أن تعود يوما ما ؟
والمشكلة أن الشعب الآخر إذا حدثته عن الرقى والجمال والحفاظ على طابع المدينة ونظافتها.. نظر إليك بإستغراب وكأنك قادم من عالم أخر ثم يخرج ليقول أن الشعب الأول يتحدث بلغة متعاليه وانه عنصرى وأنه لا يحترم الغزاة والفلاحين ..و الأمر ليس كذلك و لا علاقة له بالإحترام الطبيعي بين البشر أياً كان جذورهم او موطنهم الأصلي …
و لكن الشعب الآخر لم يتذوق الجمال وليس عدنيا أصيلا ليفهم ما نقول..
عدن وعدن ومن أحب عدن وليس من سكن عدن
*- محمد االبرّاق