السيطرة التامة أو شبه التامة على النخب السياسية والأمنية والعسكرية وحتى الإدارية والاقتصادية لا يعني بالضرورة السيطرة التامة على الشعب، أخطاء إستراتيجية كارثية ترتكبها للأسف الشديد القيادات السعودية المتعاقبة تجاه جارتها تعيسة الحظ والموقع اليمن بشطريه الجنوبي والشمالي .
يغيب عن القيادات السعودية في نهجها وفكرها مصطلح التقييم وتصحيح المسار وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، ولهذا نرى وسنرى سيناريوا تكرار نفس الأخطاء التي لازمت وتلازم القيادات السعودية بمختلف فئاتها ودرجاتها ومواقعها، وكأن من يدير كل تلك المنظومة شخص واحد غير قابل للنصح أو المشورة.
مؤتمر الرياض 2 الذي فصل وخيط على مقاس مليشيات الحوثي لوقف الحرب الدائرة في اليمن منذ ثمان سنوات تقريبآ فشل قبل أن يبدأ، بسبب تراجع الحوثي عن قبول تلبية دعوة مجلس التعاون الخليجي، وبعدها كالعادة تحول المؤتمر أو اللقاء إلى مشاورات شكلية بين شماليي الهزيمة والاستسلام والمهجر، الذين يدعون زورا وبهتانا تمثيل الشمال المسيطر عليه سيطرة تامة من قبل مليشيات الحوثي.
وبين نخب جنوبية لم ولن تتعلم من أخطائها الاستراتيجية القاتلة السابقة، نخب إنتهازية متنافسة على تقديم صكوك الولاء والسمع والطاعة للمملكة، ذهبنا إلى إلى الرياض 1 ، أربع سنوات عجاف تقريبآ من حوار جدة إلى التوقيع على الإتفاق الذي عمق جراح مواطني المناطق المحررة وزاد من معاناتهم وبؤسهم وشقائهم ، الان ستعلن المملكة عبر مجلس التباعد الخليجي وبطريقة غير مباشرة عن فشل المبادرة الخليجية وإتفاق الرياض 1 ووقف الحرب ، وستعلن عن تدشين مرحلة جديدة من الفشل والفساد والتخبط .
هم المملكة الأوحد الان هو الخروج من المستنقع اليمني بأي طريقة كانت، ولكنها أيضا لا تريد أن تخرج بخفي حنين، ولا تريد بنفس الوقت تسوية سياسية حقيقية ترضي جميع الأطراف الفاعلة والرئيسة على الأرض، إنها تبحث عن أتباع وأدوات لكي تدير اليمن بشطريه عن طريق الريموت كنترول ونعود إلى المربع رقم واحد، وقد تعلم أو لا تعلم المملكة أنها تسير على نفس النهج السابق في شمال اليمن، الذي أدى إلى هذا الوضع القائم وخيانة وخذلان رعايا اللجنة الخاصة السعودية للمملكة في حربها.
سيخرج قريبآ في جنوب اليمن شعب يقول لا والف لا لسياسة الاذلال والتجويع والتركيع، سيخرج الشعب الجنوبي ليقول لنخبه الانتهازية لم تعودوا تمثلون الا أنفسكم ومصالحكم الخاصة فقط، سيطالب بالتغيير والتدوير قبل أن يطالبهم بالرحيل، لأنه هو من قلدهم ونصبهم وفوضهم من أجل الدفاع عن مصالحه ومصالح الجنوب العليا قبل مصالح الإقليم.