أوكرانيا ليست ضحية كما قد يصورها إعلام التظليل والتدليس، بل مذنبة لأنها أختارت تهديد وإستفزاز الدب الروسي بعقر داره، حاول بوتين بشتى الطرق والوسائل عبر الوساطة الفرنسية والالمانية المباشرة الوصول مع زيلينسكي لصيغة توافقية ترضي الروس والأوكران بعيدا عن التدخلات ولم ينجح، وبالتالي لم يكن لدى بوتين خيار أخر غير غزو أوكرانيا لتكن عبرة ودرس بليغ لها ولباقي الدول المجاورة لروسيا والعالم أجمع.
تجريم وتحريم قرار الرئيس الروسي بوتين بشن الحرب على أوكرانيا من قبل دول حلف الناتو يعتبر كيل بمكيالين ، فقد دمر ذلك الحلف العراق بذريعة أسلحة الدمار الشامل التي لم يجدوها بعد تدمير العراق ، وبذريعة محاربة الإرهاب غزو أفغانستان ودمروها بدون قرار أو تفويض أممي ، وأخيرا بن لادن كان يقيم في باكستان وليس في أفغانستان ، دمرو العراق وسوريا بذريعة أمنهم القومي وسلامة أراضيهم ومحاربة داعش وغيرها ، في عام 1989م غزت الولايات المتحدة الأمريكية جمهورية بنما المستقلة وقبضت على حاكمها مانويل نورييغا بتهمة غسيل الأموال والاتجار بالمخدرات ونقلته إلى أمريكا وحاكمته وسجنته .
الحرب الدائرة في اليمن كانت هي الأخرى بذريعة الحفاظ على أمن واستقرار وسلامة أراضي المملكة العربية السعودية من المد الإيراني ممثلا بمليشيات الحوثي، التدخل العسكري المصري في ليبيا وقصف منظومة الرادارات والدفاع الجوي التركي من قبل سلاح الجو المصري كان من أجل الحفاظ على أمن مصر القومي وسلامة أراضيهم ، وهناك من السوابق والشواهد الكثير والكثير.
ماذا يريد الغرب الانتهازي الانتقامي من الروس وحصارهم في عقر دارهم، بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي أثر الروس نهج العيش بسلام وعدم التدخل بشؤون الدول الداخلية، بينما عربد الامريكان والاوروبيين في العالم وانتهكوا سيادة معظم دول العالم وأحالوه لغابة ياكل فيها القوي الضعيف.
على الدول العربية أخذ درس بليغ من خذلان الأمريكان والاوروبيين للأوكران ، ماذا يعني أباتشي أمريكا هبطت في ليتوانيا وليس في بولندا المحادية ، ماذا يعني تزويد الجيش الاوكراني بصواريخ مضادة للذروع جافلين وغيرها من الاسلحة الفردية البسيطة ، أنهم لا يستطيعون مواجهة الروس لعلمهم أن الروس ذاهبون إلى أبعد مما يتوقعون حتى إلى حرب عالمية ثالثة ، والصين وكوريا الشمالية وإيران وفنزويلا ( المليشيات العراقية وحزب الله ومليشيات الحوثي الإيرانية وغيرها في سوريا وشتى بقاع العالم الموالية للروس ) على أهبة الاستعداد للدخول في الحرب العالمية الثالثة .
عندما نحلل يجب أن نعتمد على الحقائق والارقام بعيدا عن الاصطفاف مع هذا أو ذاك كمشجعي كرة القدم، من يستورد ممن الروس أم الغرب والعالم من نفط وغاز وقمح ، من طلقة الرصاص الى المقاتلات صناعة روسية ولن تبتز روسيا بوقف إمدادات السلاح كدول التحالف العربي في اليمن ، من المتضرر من هذه الحرب وتداعياتها الإقتصادية والعسكرية والمالية روسيا أم العالم .
إحتياطي روسيا من النقد الاجنبي تجاوز 700 مليار دولار أمريكي ، العالم يهتز من إهتزاز روسيا التي تعتبر من الدول العالمية الكبرى في إنتاج القمح والغاز والنفط والسلاح ، لا قطر ولا الجزائر يستطيعان تغطية فراغ الغاز الروسي أو أخذ حصة الروس بالأسواق العالمية ، ولن تستطيع دول أوبك وعلى راسهم السعودية زيادة إنتاجها النفطي على حساب حصة روسيا .
تجميد مشاركة روسيا في نظام سويفت (جمعية الإتصالات المالية بين البنوك العالمية) لن تتضرر منه روسيا لوحدها بل العالم أجمع، لأن هناك عقود آجلة بمئات المليارات من الدولارات لصفقات الغاز والنفط الخام والقمح والسلاح بين روسيا ومعظم دول العالم ، ولهذا نجد أن ألمانيا وفرنسا غير متحمستان لهكذا إجراء متسرع حاليآ .
على دول الخليج المتسرعة دائمآ التريث قليلا قبل هرولتهم خلف أمريكا كالعادة ، ستنتهي الحرب الروسية الاوكرانية في غضون أسابيع وبشروط روسية ، ولن تنسى روسيا إنحياز أغلب دول الخليج إلى صف الاوكران لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية ، وبالتالي ستنتقم روسيا من دول الخليج عسكريا عبر أدواتها في المنطقة ، ناهيك عن دعمهم سياسيا ودبلوماسيا لمواجهة دول الخليج المتسرعة ، هي ليست مبارة كرة قدم نشجع هذا الفريق أو ذاك مسبقا أو التدخل بأريحية تامة بشأن دول ضعيفة مثل اليمن أو موزمبيق ، عليكم تحمل تبعات ونتائج الهرولة غير المدروسة خلف المعسكر الغربي المشهور دائمآ بخذلان حلفائه وشركائه .
وعليكم أي دول الخليج أن تدركون أن لديكم من الأدوات والامكانيات تمكنكم أن تفرضون شروطكم وإملاءاتكم من أجل الحفاظ على مصالحكم الوطنية العليا أولا ، لستم أتباع حتى يتم معاملتكم بهذه الصورة الفجة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا والغرب عموما .