حالة من الزخم الشديد فرضت نفسها بقوة على مسار القضية الجنوبية، في خضم عدائيات أشد ضراوة تُشهرها مليشيا الشرعية الإخوانية في وجه الجنوب وشعبه، في مسعى مشبوه لعرقلة جهود استعادة الدولة.
الأزمة الأشد ألمًا والأكثر استمرارًا في الجنوب هي الأعباء المعيشية التي يعيشها الجنوب منذ فترة ليست بالقصيرة، ولم ينجح اتفاق الرياض حتى الآن - بفعل ممارسات الشرعية - في تحقيق تحسن في الأمور الحياتية للمواطنين بل ضاعفت الشرعية من وتيرة حرب الخدمات القاسية التي تشنها على الجنوب.
تفاقم الأعباء المعيشية في الجنوب من انقطاعات متواصلة في الكهرباء ونقص حاد في الأغذية وارتفاع ضخم في أسعار السلع بشكل لا يُحتمل إلى جانب التهديدات الأمنية المتواصلة، أمرٌ تتحمل مسؤوليته شخصيات بعينها في الشرعية تُشرف على حرب شاملة يتعرض له الجنوب.
سهام الاتهامات في هذا الإطار، تتوجه سريعًا في هذا الصدد إلى الإرهابي علي محسن الأحمر، الذي وضع مخططًا مفخخًا لتدمير الجنوب لضمان إيجاد منفذ لاحتلال أراضيه،مقابل علاقات تآمرية ليل نهار مع المليشيات الحوثية الإرهابية.
تؤزم الحالة المعيشية واللا خدمية متربط بشكل كبير، مع حالة الانفلات الأمني التي غرستها الشرعية في الجنوب، وذلك من خلال نشر عناصر إخوانية إرهابية في مناطق بعينها، وتحشيدهم بما يضمن للشرعية نشر الفوضى الأمنية في الجنوب، ويصل الأمر إلى تشكيلات عسكرية ضخمة للغاية مثل المنطقة العسكرية الأولى التي على الرغم من أن قوامها بالآلاف إلا أنّها تعزف عن التوجه لمحاربة الحوثيين بل تعمل على إحلال فوضى أمنية في حضرموت.
الأمر نفسه يحدث مثلًا في محافظة أبين، أين تنتشر عناصر من تنظيم القاعدة، تُحركها الشرعية لإثارة حالة من الفوضى الأمنية عبر صناعة اختلالات حادة تتضمن اعتداءات مرعبة على الجنوبيين هناك لإجهاض أي فرصة لتحقيق الاستقرار هناك، بما قاد إلى صعوبات جمة نحو تحسين الوضع المعيشي.
الحالة نفسها كانت قد عانت منها محافظة شبوة خلال الحقبة السوداوية للمحافظ المقال محمد صالح بن عديو، الذي عينته الشرعية مشرفًا على حرب صناعة الأعباء على المواطنين الجنوبيين في محافظة شبوة عبر صناعة الاختلالات الأمنية وتفشي الأزمات المعيشية، قبل أن يُطاح به بفعل قوة ضغط شعبية هائلة.
هذه التحديات التي فرضتها الشرعية على الجنوب، حتمت إعادة النظر صوب الوضع الراهن، وهنا بدأت إثارة مطالب عديدة من قِبل جنوبيين حول حتمية رفع سقف المطالب في الفترة المقبلة، للدفع نحو فضح جرائم قيادات الشرعية المعادية للجنوب، لعلّ ذلك يكون سببًا في إزاحتها من مواقعها النافذة.
كما أنّ الضغط السياسي الذي تُشكله القيادة الجنوبية دفعًا استخراج التزامات حقيقية وجادة من معسكر الشرعية فيما يخص مواجهة الأعباء الإخوانية المصنوعة عمدًا، قد يكون سلاحًا نحو مواجهة الحالة المتردية حاليًّا، وذلك من خلال التوقف عن استنزاف ثروات الجنوب، وهي جريمة خبيثة دأبت الشرعية على ارتكابها على مدار الفترات الماضية.
ولعلّ الخطوة الأهم التي يُنتظر الضغط في إطارها هي حماية ثروات الجنوب من الاستنزاف الإخواني وأن يتم توجيهها لتنعكس على حياة المواطنين الجنوبيين وتلبي تطلعاتهم، فالجنوب الذي تم تحريره على يد أبنائه من القوات المسلحة الجنوبية بدعم وإسناد من التحالف العربي كان من المفترض أن يكون نموذجًا في الاستقرار الأمني والمعيشي بيد أنّ خبث الشرعية حاصر بالجنوب بين براثن معاناة كبيرة من صنيعة حزب الإصلاح.
*- شبوة برس ـ المشهد العربي