منذ سنوات بعيدة وفي عهد الاتحاد السوفيتي وزعامة (نيكيتا خروتشوف) وهو اوكراني الاصل والمولد، تم تحويل شبه جزيرة القرم الروسية الى ادارة جمهورية اوكرانيا لانها على تماس معها. هذه الغلطة كلفت روسيا الاتحادية بعد منحها الاستقلال لجمهورياتها الاوروبية والاسيوية الكثير من الندامات والتحسرات والالم الباتع والمزمن.
والحقيقة فلقد فرط ايضا (جورباتشوف) بالكيان السوفيتي العظيم، وهو اليوم يرى ما تسببت به سياسة (الجلاسانوست والبروسترايكا) التي اوهنت بنى الاتحاد السوفيتي وجعلته يعيش مشكلات خطيرة ومنها حرب (الشيشان) وحرب (القرم) التي تتوسع اليوم لتشمل كل اوكرانيا .
ولو ان (جورباتشوف) فطن الى تطبيق سياسية الزعيم الصيني (هيسياو بينج) في الانفتاح الاقتصادي ، لما تمزق الاتحاد السوفيتي وفقد ٥ مليون كيلو من مساحته ولكان الاتحاد السوفيتي اليوم منافسا في المنتجات مع الصين ان لم يتفوق عليها.
ومن توقعات بعض المحللين فان (روسيا الاتحادية) قد فطنت الى ان لا تفرط بالدول المجاورة لها من جمهورياتها السابقة ومنها ( جمهورية كزاخستان ) التي انقذتها حكومتها من الانهيار قبيل ايام بارسال فرق الجيش الروسي لاخماد الاضطرابات ، وكزاخستان هي قاعدة اطلاق الصواريخ الروسية الى الفضاء وتزيد مساحتها عن مليوني كيلو متر ، ولن تفرط بها روسيا الاتحادية ومثلها بيلاروسيا واوكرانيا التي تعتبرها روسيا من صميم ارضها وتاريخها وسيادتها .
وعن الحشود اليوم التي بلغت اوجها على الحدود الاوكرانية ، والتي شملت افتك انواع الاسلحة الروسية بجيش يبلغ تعداده ١٠٠ الف جندي ، فان هذه القوات التي تم حشدها لن تعود بخفي حنين بل انها سوف تحقق بعض اهدافها .
ما هي الاهداف التي تنوي روسيا الاتحادية تحقيقها من هذا الحشد المرعب على حدود اوكرانيا ؟ وفي تصور بعض المتابعين فان اعلى سقف في المطالب الروسية
هو في احلال حكومة صديقة في (كييف)، واذا تنازلت (روسيا) في طلباتها فسوف تحقق مطلبها الادنى، وذلك في منع انضمام اوكرانيا الى حلف شمال الاطلسي بل ومنعها من نشر اسلحة التدمير الشامل على ارضها .
هناك من يتوقع ان تشن القوات الروسية حربا محدودة ، ثم تعلن هدنة ومباحثات تفضي الى ايجاد تسوية وهي قبول اوكرانيا تهديدا مباشرا لروسيا الاتحادية ،واهم هذه الشروط الروسية هو عدم عضوية اوكرانيا في الحلف الاطلسي .
الشيء الذي يبعث على الطمأنينة ان امريكا سحبت بعض قواتها ، وهم في الاصل ثلة خبراء لتدريب القوات الاوكرانية ، ولا يزيد عددهم عن ١٥٠ خبير عسكري ، بل لقد اكدت امريكا انها ليست بصدد ارسال قواتها للدفاع عن اوكرانيا .
هنا نثق ان امريكا والحلف الاطلسي لن يتورطا، في اندلاع حرب مع روسيا وفي خوض معارك رعناء قد تتسبب في ويلات انسانية فاجعية ، قد لا تبقي ولا تذر .
فاروق المفلحي