لم يمض يومان على العملية الإرهابية التي شهدتها العاصمة عدن واستهدفت الأخوين محافظة عدن ووزير الزراعة وهما القياديان المعروفان في المجلس الانتقالي الجنوبي حتى جاءت تفجيرات سيؤون بمحافظة حضرموت لتؤكد أن الإرهاب يتمدد وينتشر بأريحية وطمأنينة تحت سمع وبصر القوات "الشرعية" رغم الضربات الموجعة التي تلقتها بعض بؤر الإرهاب في حضرموت وشبوة منذ أقل من عامين على أيدي قوات النخبيتين الحضرمية والشبوانية ولم تنتعش إلا بعد اجتياح القوات "الشرعية" لمحافظة شبوة.
وفي أبين أعلنت ألأجهزة الأمنية عن إلقاء القبض على خلية إرهابية كانت تساهم في نشر المشروع الحوثي والترويج له وبحوزتها أحهزة تجسس وأسلحة ومعدات عسكرية فضلا عن الوثائق والإصدارات التي تتضمن عينات من الفكر السلالي العنصري للجماعة الحوثية.
وفي حضرموت الساحل كشف محافظ المحافظة عن إلقاء أجهزة الأمن القبض على مجموعة إرهابية كانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف عدداً من المرافق الحيوية الاقتصادية والأمنية والمدنية.
هذه المظاهر التي يحاول مدبروها وممولوها ومنفذوها زعزعة الأمن ونشر الرعب وتصفية قيادات وطنية من الصف الأول، ونشر الفوضى في محافظات الجنوب، ليست منفصلة عن بعضها البعض بل إنها تشكل حلقات متصلة في إطار مخطط متكامل يستهدف كل محافظات الجنوب كجزء من محاولات إكراه الشعب الحنوبي على التخلي عن حقه المشروع في استعادة دولته واختيار طريقه المستقبلي المستقل بعيداً عن الوصاية والتبعية.
ولعل المتابع النبيه يلاحظ أن المستهدف بهذه الأعمال الإجرامية الإرهابية، لم يكن سوى محافظات الجنوب حيث مظاهر الرفض الشعبي العارم لسياسات خاطفي الشرعية، المتواطئين بهذا الشكل أو ذاك مع الجماعة الحوثية (وكيل إيران الحصري في المنطقة) وهو الرفض الشعبي لنفس المشروع الحوثي وموكليه وداعميه.
هذا الانتشار الملحوظ للعمليات الإرهابية في محافظات الجنوب يأتي في إطار تقسيم المهمات في ما بين الجماعات الإرهابية المختلفة فحيثما يتولى الحوثي المهمة تغيب جماعات داعش والقاعدة ومن يفوضونها ويسهلون لها مهماتها، وحيثما يغيب الحوثي تتولى المهمة جماعات داعش وتفرعاتها المعروفة بمركز دعمها وراسمي سياساتها ومموليها من صناع السياسات في اليمن، وهذا ما أطلق عليه أحد الظرفاء بــ"التوزيع العادل للإرهاب".
بقيت الإشارة إلى أن تنامي الإرهاب في محافظات الجنوب لا يستثني محافظة ولا منطقة ولا مديرية، وهو يأتي بعد فشل محاولات اجتياح عدن عبر الحملة العسكرية ولا عبر إثارة الفوضى، وبعد فشل محاولات إسقاط مناطق في لحج والضالع حيثما تتصاعد الهجمات الإرهابية الحوثية.
وهنا نقول للجنوبيين الذين يبتهجون لانتشار تلك العمليات متشفيين بالطبقة السياسية الجنوبية وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الأمن الجنوبية، أن الذين لعبوا مع الأفاعي دفعوا الثمن غاليا، ولتعلموا أن تسخير جماعات الإرهاب لتحقيق مصالح سياسية لفئة معروفة بتورطها في رعاية الإرهاب وتنشئته والحفاظ على جماعاته منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي، لن تستثنيكم حينما يحين موعدكم معها، فالإرهابيين لن يسقطوا الجنوب، ولو فرضنا جدلا أنهم نجحوا في ذلك، لا سمح الله، فلن تكونوا إلا ضمن قائمة المستهدفين مهما قدمتم لهم من تسهيلات أو بنيتم معهم من علاقات ومجاملات، أو حتى صمتتم عما يفعلون من منكرات.