الذين ولدوا في يوم اعلان الوحدة اليمنية في ٢٢من مايو ١٩٩٠م ففي هذا اليوم من مايو ٢٠٢١م قد شبوا وتخرجوا من الجامعات وتزوجوا وانجبوا بل وربما بعضهم قد قضى نحبه ، وللاسف فلن يتذكر منهم ان كان لهم وطنهم الجنوبي وبوسع الشموس .
مرت تلك السنوات العجاف بكل حلاكتها وقسوتها واحزانها وبؤسها . صحيح ان الحزن والقهر لم يهزمنا ولكنه اوغل في نفوسنا وترك بصمته الثقيلة على مشاعرنا وملامحنا وذكرياتنا .
ومنذ ذلك اليوم المشئوم تربصت صنعاء بعدن وسامها سوء العذاب . كل انواع القهر والتوحش مورس على الجنوب من احالة جيشة المهاب الى البطالة ، بل والاستيلاء على كل تاريخه وارشيفه وذكرياته ومؤسساته وطيرانه والغاء عملته وعلمه وثرواته وهويته واعلامه وصحفه بل واثاره وحدوده ومعالمه . كان الطمس هدف صنعاء ولقد اجادت صنعاء الطمس بل وتوحشت ، ولكن الزمن دوار .
فقدت الجنوب من جراء تلك الوحدة ، فقدت كل شيء فتحولت عدن الى مدينة بائسة يسكنها العسس والمخبرون وتجار الممنوعات. وحرمت عدن من مطارها العالمي ومن ميناءها بل ونقلت كل شركات النفط والبنك المركزي والارشيف الوطني بل ونهبت الاثار والمتاحف وتركت الجنوب لمصيرها البائس .
صار المواطن الجنوبي ذلك الغريب في وطنه وصار يكمل معاملاته ويتسلم راتبه ( السحت ) في صنعاء ، فهانت عدن ووهنت وضاعت معالمها وسكنها الحزن والقهر والهوان وتعطلت المرافق بل ولغة الكلام .
ولكن وبالصدفة المحضة دارت الايام دورتها العجيبة، وهانحن اليوم قاب قوسين او ادنى من تحقيق النصر المبين ، لكن ما يفكر به الساسة لا يقنع الشعب فلقد طال صبر الشعب على تحمل كل هذه النكبات والمضنيات وشلل الخدمات .
على ان للصبر حدود وحتى وان جاءت البشرى بعدها ، وقد تعبت الناس فلن ترضيهم ولن ترمم ما تخرب في نفوسهم ومشاعرهم " على ان التصاق الزجاج المحطم ضرباً من المستحيل" .
نعم لن يغفر الشعب هذا الصبر المخيف والمضني ، بينما غيرنا اتخذوا قرارتهم وحزموا امورهم وصنعوا الفرق . وها نحن نقلب وجووهنا في السماء ونستجدي البشارات من الحليف الذي انشغل عنا بهمومه ومشاريعه واصبحنا كالايتام على مأدبة اللئام .
وعن القيادات الجنوبية اقول استلوا قراركم واغضبوا، فقد تكرر الكلام ودار القول عن تريثكم وترددكم وتشتتكم بل وخوفكم . واخاف ان طاقة الصبر لدى الشعب قد اوشكت على النفاذ فصبركم العجيب يحمل في طياته بعض مؤشرات الضعف والعجز والإستكانة والهوان .وربما هناك من يبرأكم، لانه ابتلي بحسن ظنه فيكم .