أيها الجنوبيون
تصالحوا وتسامحوا واتحدوا فمن يحرضكم على بعضكم لا يمكن أن يكن لكم المحبة!
طوال أكثر من أسبوع أُغرِق الفضاء الإعلامي الرقمي والورقي بمنشورات ومقالات (وأخبار) تبشر بانفجار الموقف في الجنوب وانتشار أنهار الدماء في شوارع وأزقة ونواحي عدن وأبين، وانتصار (الشرعية) على (الانقلابيين) الجنوبيين، وكل واحدة من هذه المفردات لها عند مروجيها تفسيرها المناقض لما يفهمه أي مبتدئ في اللغة العربية.
ليس هذا موضوعنا هنا لكن ما يستحق التوقف عنده هو المجموعة التالية من المشاهد التي أستطيع القول أنها تمثل رصداً بانوراميا لتلك الضجة الإعلامية وسأترك أمر تحليلها وسبر أبعادها إلى مرحلة لاحقة:
هذه الملاحظات وملاحظات أخرى تدفعنا إلى التساؤل:
وقبل أن أختتم هذه التناولة أود التوجه بما يلي:
أ. أتوجه بالتحية الصادقة للإخوة الأعزاء في لجنة التهدئة ومعهم الإخوة في قيادة قوات التحالف العربي لجهودهم المبذولة في سبيل التقريب بين رفاق القضية الواحدة والمصير الواحد وأبناء الجلدة الواحدة وحرصهم على تنفيذ اتفاق الرياض الذي يعتبر فشله فشلاً لجميع الأطراف وعلى وجه الخصوص الأشقاء في المملكة.
ب. أحيي الشرفاء الذين يمثلون الجانب الحكومي الشرعي، وأخص الأخوين أبو مشعل الكازمي وعبد الله الصبيحي ولا أستثني بقية القادة من زملائهم، وأدعوهم إلى توسيع أفق نظرهم إلى ما بعد عشرات السنين من المسؤولية التاريخية التي ينبغي أن نورثها لأبنائنا وأحفادنا وتَذَكُّر الدروس المرة من الماضي القريب والبعيد.
ت. أحيي الفريق الممثل للمجلس الانتقالي الجنوبي بدون استثناء وأدعوهم إلى التحلي بما دعوت إليه الإخوان في الفريق الحكومي من توسيع أفق نظرهم إلى ما بعد عشرات السنين وأذكرهم بأن الجنوب لكل الجنوبيين ولا يمكن أن يحكم بطيف واحد أو جهة واحدة أو حزب واحد أو رؤية واحدة أو منطقة واحدة.
ت. أدعو ممثلي الطرفين (الحكومي والانتقالي) إلى استحضار لحظات المواجهة العصيبة في العام 2015م وكيف انخرط الجميع في مواجهة غير متكافئة مع عدوٍ لا يميز بين جنوبي وآخر ولا بين منطقة وأخرى ولا بين فريق سياسي جنوبي وآخر وكيف هزمتموه بتفوق إرادتكم ووحدتكم، ادعوهم إلى التخلص من ثقافة الثأر ونزعة الانتقام التي لا تولد سوى نسلها من النزعات التي حتى لو استمرت مئات السنين فلن تصنع منتصراً واحداً ولا تنتج إلّا ضغائنَ وأحقاداً نحن أحوج ما نكون إلى نبذها والتطهر من رجسها المقيت.
ث. إن اختلافنا حول القضية الجنوبية ومآلاتها النهائية ينبغي أن نحترمه كتباين في الرأي والموقف السياسيين لا ينبغي أن تكون البندقية أداة حله بل يجب أن نتركه للتاريخ وللجماهير الجنوبية لتقول فيه كلمتها مستقبلا وليس في هذه اللحظة التاريخية العصيبة.
وأخيرا لتكن نقطة انطلاق بناء الثقة بين الجنوبيين هي قيم التصالح والتسامح والتعايش، والإيمان بأن الجنوب لكل أبنائه وبكل أبنائه، فليعد الجميع إلى الجميع، وعلى الجنوبيين القبول ببعضهم لا منتصرين ولا مهزومين، لا قاهرين ولا مقهورين، لا مستعينين بأعداء الجنوب ولا معينين لهم، . . . التعايش قدرنا والشراكة واجب على الجميع وليست فقط حقاً له وهي بنفس الوقت ضمانة لبناء الغد المأمول . . . الإملاء مرفوض والاستكبار ممقوت والتهكم واستدعاء الماضي السيء منبوذ وادعاء الفرادة والتفرد غير مقبول، والسماح والعفو والتنازل المتبادل سمة الأقوياء والحكماء وليس من الضعف أو الهزيمة أو الهوان في شيء.
فاتحدوا وتسامحوا وتنازلوا لبعضكم واقبلوا ببعضكم وتوجهوا إلى المستقبل ودعوا الماضي وراء ظهوركم، فمن يحرض بعضكم على بعض لا يمكن أن يكن لكم المحبة.